قريش.
والمراد بإغفال القلب جعله غافلا عن الفكر في الوحدانية حتى راج فيه الإشراك ، فإن ذلك ناشئ عن خلقة عقول ضيفة التبصر مسوقة بالهوى والإلف.
وأصل الإغفال : إيجاد الغفلة ، وهي الذهول عن تذكر الشيء ، وأريد بها هنا غفلة خاصة ، وهي الغفلة المستمرة المستفادة من جعل الإغفال من الله تعالى كناية عن كونه في خلقة تلك القلوب ، وما بالطبع لا يتخلف.
وقد اعتضد هذا المعنى بجملة (وَاتَّبَعَ هَواهُ) ، فإن اتباع الهوى يكون عن بصيرة لا عن ذهول ، فالغفلة خلقة في قلوبهم ، واتباع الهوى كسب من قدرتهم.
والفرط ـ بضمتين ـ : الظلم والاعتداء. وهو مشتق من الفروط وهو السبق لأن الظلم سبق في الشر.
والأمر : الشأن والحال.
وزيادة فعل الكون للدلالة على تمكن الخبر من الاسم ، أي حالة تمكن الإفراط والاعتداء على الحق.
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (٢٩))
بعد أن أمر الله نبيئه صلىاللهعليهوآلهوسلم بما فيه نقض ما يفتلونه من مقترحاتهم وتعريض بتأييسهم من ذلك أمره أن يصارحهم بأنه لا يعدل عن الحق الذي جاءه من الله ، وأنه مبلغه بدون هوادة ، وأنه لا يرغب في إيمانهم ببعضه دون بعض ، ولا يتنازل إلى مشاطرتهم في رغباتهم بشطر الحق الذي جاء به ، وأن إيمانهم وكفرهم موكول إلى أنفسهم ، لا يحسبون أنهم بوعد الإيمان يستنزلون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بعض ما أوحى إليه.
و (الْحَقُ) خبر مبتدأ محذوف معلوم من المقام ، أي هذا الحق. والتعبير ب (رَبِّكُمْ) للتذكير بوجوب توحيده.
والأمر في قوله : (فَلْيُؤْمِنْ) وقوله : (فَلْيَكْفُرْ) للتسوية المكنى بها عن الوعد والوعيد.