قال تعالى : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [المعارج : ٨].
والتشبيه في سواد اللون وشدة الحرارة فلا يزيدهم إلا حرارة ، ولذلك عقب بقوله : (يَشْوِي الْوُجُوهَ) وهو استئناف ابتدائي.
والوجه أشد الأعضاء تألما من حر النار قال تعالى : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [المؤمنون : ١٠٤].
وجملة (بِئْسَ الشَّرابُ) مستأنفة ابتدائية أيضا لتشنيع ذلك الماء مشروبا كما شنع مغتسلا. وفي عكسه الماء الممدوح في قوله تعالى : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) [ص : ٤٢].
والمخصوص بذم (بِئْسَ) محذوف دل عليه ما قبله. والتقدير : بئس الشراب ذلك الماء.
وجملة (وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) معطوفة على جملة (يَشْوِي الْوُجُوهَ) ، فهي مستأنفة أيضا لإنشاء ذم تلك النار بما فيها.
والمرتفق : محل الارتفاق ، وهو اسم مكان مشتق من اسم جامد إذ اشتق من المرفق وهو مجمع العضد والذراع. سمي مرفقا لأن الإنسان يحصل به الرفق إذا أصابه إعياء فيتكئ عليه. فلما سمي به العضو تنوسي اشتقاقه وصار كالجامد ، ثم اشتق منه المرتفق. فالمرتفق هو المتكأ ، وتقدم في سورة يوسف.
وشأن المرتفق أن يكون مكان استراحة ، فإطلاق ذلك على النار تهكم ، كما أطلق على ما يزاد به عذابهم لفظ الإغاثة ، وكما أطلق لى مكانهم السرادق.
وفعل (ساء) يستعمل استعمال (بئس) فيعمل عمل (بئس) ، فقوله : (مُرْتَفَقاً) تمييز. والمخصوص بالذم محذوف كما تقدم في قوله : (بِئْسَ الشَّرابُ).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (٣٠))
جملة مستأنفة استئنافا بيانيا مراعى فيه حال السامعين من المؤمنين ، فإنهم حين يسمعون ما أعد للمشركين تتشوف نفوسهم إلى معرفة ما أعد للذين آمنوا ونبذوا الشرك فأعلموا أن عملهم مرعي عند ربهم. وجريا على عادة القرآن في تعقيب الوعيد بالوعد