الكهف ، وقصة ذي القرنين. وقد ذكرت أولاهما في أول السورة وذكرت الأخرى في آخرها.
كرامة قرآنية :
لوضع هذه السورة على هذا الترتيب في المصحف مناسبة حسنة ألهم الله إليها أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما رتبوا المصحف فإنها تقارب نصف المصحف إذ كان في أوائلها موضع قيل هو نصف حروف القرآن وهو (التاء) من قوله تعالى : (وَلْيَتَلَطَّفْ) [الكهف : ١٩] وقيل نصف حروف القرآن هو (النون) من قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) [الكهف : ٧٤] في أثنائها ، وهو نهاية خمسة عشر جزءا من أجزاء القرآن وذلك نصف أجزائه ، وهو قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) [الكهف : ٧٥] ، فجعلت هذه السورة في مكان قرابة نصف المصحف.
وهي مفتتحة بالحمد حتى يكون افتتاح النصف الثاني من القرآن ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الكهف : ١] كما كان افتتاح النصف الأول ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ) [الفاتحة : ٢]. وكما كان أول الربع الرابع منه تقريبا ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [فاطر : ١].
أغراض السورة :
افتتحت بالتحميد على إنزال الكتاب للتنويه بالقرآن تطاولا من الله تعالى على المشركين وملقنيهم من أهل الكتاب.
وأدمج فيه إنذار المعاندين الذين نسبوا لله ولدا ، وبشارة للمؤمنين ، وتسلية رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عن أقوالهم حين تريث الوحي لما اقتضته سنّة الله مع أوليائه من إظهار عتبه على الغفلة عن مراعاة الآداب الكاملة.
وذكر افتتان المشركين بالحياة الدنيا وزينتها وأنها لا تكسب النفوس تزكية.
وانتقل إلى خبر أصحاب الكهف المسئول عنه.
وحذرهم من الشيطان وعداوته لبني آدم ليكونوا على حذر من كيده.
وقدم لقصة ذي القرنين قصة أهم منها وهي قصة موسى والخضر ـ عليهماالسلام ـ ، لأن كلتا القصتين تشابهتا في السفر لغرض شريف. فذو القرنين خرج لبسط سلطانه على الأرض ، وموسى ـ عليهالسلام ـ خرج في طلب العلم.