الحال من الضمير المنصوب في (حَشَرْناهُمْ) ، أي حشرناهم وقد عرضوا تنبيها على سرعة عرضهم في حين حشرهم.
وعدل عن الإضمار إلى التعريف بالإضافة في قوله : (عَلى رَبِّكَ) دون أن يقال (علينا) لتضمن الإضافة تنويها بشأن المضاف إليه بأن في هذا العرض وما فيه من التهديد نصيبا من الانتصار للمخاطب إذ كذبوه حين أخبرهم وأنذرهم بالبعث.
وجملة (لَقَدْ جِئْتُمُونا) مقول لقول محذوف دل عليه أن الجملة خطاب للمعروضين فتعين تقدير القول ، وهذه الجملة في محل الحال. والتقدير : قائلين لهم لقد جئتمونا. وذلك بإسماعهم هذا الكلام من جانب الله تعالى وهم يعلمون أنه من جانب الله تعالى. والخطاب في قوله : (لَقَدْ جِئْتُمُونا) موجه إلى معاد ضمير (عُرِضُوا).
والخبر في قوله : (لَقَدْ جِئْتُمُونا) مستعمل في التهديد والتغليظ والتنديم على إنكارهم البعث. والمجيء : مجاز في الحضور ، شبهوا حين موتهم بالغائبين وشبهت حياتهم بعد الموت بمجيء الغائب.
وقوله : (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) واقع موقع المفعول المطلق المفيد للمشابهة ، أي جئتمونا مجيئا كخلقكم أول مرة. فالخلق الثاني أشبه الخلق الأول ، أي فهذا خلق ثان. و (ما) مصدرية ، أي كخلقنا إياكم المرة الأولى ، قال تعالى : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) [ق : ١٥]. والمقصود التعريض بخطئهم في إنكارهم البعث.
والإضراب في قوله : (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) انتقال من التهديد وما معه من التعريض بالتغليط إلى التصريح بالتغليط في قالب الإنكار ؛ فالخبر مستعمل في التغليط مجازا وليس مستعملا في إفادة مدلوله الأصلي.
والزعم : الاعتقاد المخطئ ، أو الخبر المعرّض للكذب. والموعد أصله : وقت الوعد بشيء أو مكان الوعد. وهو هنا الزمن الموعود به الحياة بعد الموت.
والمعنى : أنكم اعتقدتم باطلا أن لا يكون لكم موعد للبعث بعدا لموت أبدا.
(وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩))