و (بل) للإضراب الإبطالي. عن مضمون جواب (لو) ، أي لم يعجل لهم العذاب إذ لهم موعد للعذاب متأخر ، وهذا تهديد بما يحصل لهم يوم بدر.
والموئل : مفعل من وأل بمعنى لجأ ، فهو اسم مكان بمعنى الملجأ.
وأكد النفي ب (لن) ردا على إنكارهم ، إذ هم يحسبون أنهم مفلتون من العذاب حين يرون أنه تأخر مدة طويلة ، أي لأن لا ملجأ لهم من العذاب دون وقت وعده أو مكان وعده ، فهو ملجؤهم. وهذا من تأكيد الشيء بما يشبه ضده ، أي هم غير مفلتين منه.
(وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩))
بعد أن أزيل غرورهم بتأخر العذاب ، وأبطل ظنهم الإفلات منه ببيان أن ذلك إمهال من أثر رحمة الله بخلقه ، ضرب لهم المثل في ذلك بحال أهل القرى السالفين الذين أخر عنهم العذاب مدة ثم لم ينجوا منه بأخرة ، فالجملة معطوفة على جملة (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ) [الكهف: ٥٨].
والإشارة ب «تلك» إلى مقدر في الذهن ، وكاف الخطاب المتصلة باسم الإشارة لا يراد به مخاطب ولكنها من تمام اسم الإشارة ، وتجري على ما يناسب حال المخاطب بالإشارة من واحد أو أكثر ، والعرب يعرفون ديار عاد وثمود ومدين ويسمعون بقوم لوط وقوم فرعون فكانت كالحاضرة حين الإشارة.
والظلم : الشرك وتكذيب الرسل. والمهلك ـ بضم الميم وفتح اللام ـ مصدر ميمي من «أهلك» ، أي جعلنا لإهلاكنا إياهم وقتا معينا في علمنا إذا جاء حلّ بهم الهلاك. هذه قراءة الجمهور. وقرأه حفص عن عاصم ـ بفتح الميم وكسر اللام ـ على أنه اسم زمان على وزن مفعل. وقرأه أبو بكر عن عاصم ـ بفتح الميم وفتح اللام ـ على أنه مصدر ميمي لهلك.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (٦٠))
لما جرى ذكر قصة خلق آدم وأمر الله الملائكة بالسجود له ، وما عرض للشيطان من الكبر والاعتزاز بعنصره جهلا بأسباب الفضائل ومكابرة في الاعتراف بها وحسدا في الشرف والفضل ، فضرب بذلك مثلا لأهل الضلال عبيد الهوى والكبر والحسد ، أعقب