تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه : ٥].
وجملة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) حال من اسم الجلالة. وكذلك جملة (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى).
والأسماء : الكلمات الدالة على الاتّصاف بحقائق. وهي بالنسبة إلى الله : إما علم وهو اسم الجلالة خاصة. وإما وصف مثل الرحمن والجبّار وبقية الأسماء الحسنى.
وتقديم المجرور في قوله (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) للاختصاص ، أي لا لغيره لأنّ غيره إما أن يكون اسمه مجردا من المعاني المدلولة للأسماء مثل الأصنام ، وإما أن تكون حقائقها فيه غير بالغة منتهى كمال حقيقتها كاتصاف البشر بالرحمة والملك ، وإما أن يكون الاتّصاف بها كذبا لا حقيقة ، كاتصاف البشر بالكبر ، إذ ليس أهلا للكبر والجبروت والعزّة.
ووصف الأسماء بالحسنى لأنها دالة على حقائق كاملة بالنسبة إلى المسمى بها تعالى وتقدس. وذلك ظاهر في غير اسم الجلالة ، وأما في اسم الجلالة الذي هو الاسم العلم فلأنه مخالف للأعلام من حيث إنّه في الأصل وصف دال على الانفراد بالإلهية لأنّه دال على الإله ، وعرّف باللام الدالة على انحصار الحقيقة عنده ، فكان جامعا لمعنى وجوب الوجود ، واستحق العبادة لوجود أسباب استحقاقها عنده.
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) في سورة الأعراف [١٨٠].
[٩ ـ ١٠] (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (٩) إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً (١٠))
أعقب تثبيت الرسول على التبليغ والتنويه بشأن القرآن بالنسبة إلى من أنزله ومن أنزل عليه بذكر قصة موسى عليهالسلام ليتأسّى به في الصبر على تحمل أعباء الرسالة ومقاساة المصاعب ، وتسلية له بأن الذين كذبوه سيكون جزاؤهم جزاء من سلفهم من المكذبين ، ولذلك جاء في عقب قصة موسى قوله تعالى : (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً* مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً* خالِدِينَ فِيهِ) [طه : ٩٩ ـ ١٠١]. وجاء بعد ذكر قصة آدم وأنه لم يكن له عزم (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) [طه : ١٣٠] الآيات.