وفرع على الإخبار باختياره أن أمر بالاستماع للوحي لأنه أثر الاختيار إذ لا معنى للاختيار إلّا اختياره لتلقي ما سيوحي الله.
والمراد : ما يوحى إليه حينئذ من الكلام ، وأما ما يوحى إليه في مستقبل الأيام فكونه مأمورا باستماعه معلوم بالأحرى.
وقرأ حمزة وحده وأنا اخترناك بضميري التعظيم.
واللام في (لِما يُوحى) للتقوية في تعدية فعل «استمع» إلى مفعوله ، فيجوز أن تتعلق باخترتك ، أي اخترتك للوحي فاستمع ، معترضا بين الفعل والمتعلّق به. ويجوز أن يضمّن استمع معنى أصغ.
[١٤ ـ ١٦] (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى (١٦))
هذا ما يوحى المأمور باستماعه ، فالجملة بدل من (لِما يُوحى) [طه : ١٣] بدلا مطلقا.
ووقع الإخبار عن ضمير المتكلم باسمه العلم الدالّ على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد. وذلك أول ما يجب علمه من شئون الإلهية ، وهو أن يعلم الاسم الذي جعله الله علما عليه لأن ذلك هو الأصل لجميع ما سيخاطب به من الأحكام المبلغة عن ربّهم.
وفي هذا إشارة إلى أنّ أول ما يتعارف به المتلاقون أن يعرفوا أسماءهم ، فأشار الله إلى أنه عالم باسم كليمه وعلّم كليمه اسمه ، وهو الله.
وهذا الاسم هو علم الربّ في اللغة العربية. واسمه تعالى في اللغة العبرانية (يهوه) أو (أهيه) المذكور في الإصحاح الثالث من سفر الخروج في التوراة ، وفي الإصحاح السادس. وقد ذكر اسم الله في مواضع من التوراة مثل الإصحاح الحادي والثلاثين من سفر الخروج في الفقرة الثامنة عشرة ، والإصحاح الثاني والثلاثين في الفقرة السادسة عشرة. ولعله من تعبير المترجمين وأكثر تعبير التوراة إنما هو الرب أو الإله.
ولفظ (أهيه) أو (يهوه) قريب الحروف من كلمة إله في العربية.