و (بَيْضاءَ) حال من ضمير (تَخْرُجْ) ، و (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) حال من ضمير (بَيْضاءَ).
ومعنى (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) من غير مرض مثل البرص والبهق بأن تصير بيضاء ثم تعود إلى لونها المماثل لون بقية بشرته. وانتصب (آيَةً) على الحال من ضمير (تَخْرُجْ).
والتعليل في قوله (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) راجع إلى قوله (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) ، فاللام متعلّقة ب (تَخْرُجْ) لأنّه في معنى نجعلها بيضاء فتخرج بيضاء أو نخرجها لك بيضاء. وهذا التعليل راجع إلى تكرير الآية ، أي كررنا الآيات لنريك بعض آياتنا فتعلم قدرتنا على غيرها ، ويجوز أن يتعلق (لِنُرِيَكَ) بمحذوف دلّ عليه قوله (أَلْقِها) وما تفرّع عليه. وقوله (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) وما بعده ، وتقدير المحذوف : فعلنا ذلك لنريك من آياتنا.
و (مِنْ آياتِنَا) في موضع المفعول الثاني لنريك ، فتكون (من) فيه اسما بمعنى بعض على رأي التفتازانيّ. وتقدّم عند قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) في سورة البقرة [٨] ، ويشير إليه كلام «الكشاف» هنا.
و (الْكُبْرى) صفة ل (آياتِنَا). والكبر : مستعار لقوّة الماهية. أي آياتنا القوية الدلالة على قدرتنا أو على أنا أرسلناك.
[٢٤ ـ ٣٦] (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) َاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥) قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦))
لما أظهر الله له الآيتين فعلم بذلك أنه مؤيّد من الله تعالى ، أمره الله بالأمر العظيم الذي من شأنه أن يدخل الرّوع في نفس المأمور به وهو مواجهة أعظم ملوك الأرض يومئذ بالموعظة ومكاشفته بفساد حاله ، وقد جاء في الآيات الآتية : (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى * قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه : ٤٥ ، ٤٦].
والذهاب المأمور به ذهاب خاص ، قد فهمه موسى من مقدمات الإخبار باختياره ، وإظهار المعجزات له ، أو صرح له به وطوي ذكره هنا على طريقة الإيجاز ، على أنّ التّعليل الواقع بعده ينبئ به.