والنّبات : مصدر سمي به النبات ، فلكونه مصدرا في الأصل استوى فيه الواحد والجمع.
وشتّى : جمع شتيت بوزن فعلى ، مثل : مريض ومرضى.
والشّتيت : المشتّت ، أي المبعّد. وأريد به هنا التباعد في الصفات من الشكل واللّون والطعم ، وبعضها صالح للإنسان وبعضها للحيوان.
والجملة الثانية (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) مقول قول محذوف هو حال من ضمير (فَأَخْرَجْنا). والتقدير : قائلين : كلوا وارعوا أنعامكم. والأمر للإباحة مراد به المنّة. والتقدير : كلوا منها وارعوا أنعامكم منها. وهذا من مقابلة الجمع بالجمع لقصد التوزيع.
وفعل (رعى) يستعمل قاصرا ومتعديا. يقال : رعت الدابة ورعاها صاحبها. وفرق بينهما في المصدر فمصدر القاصر : الرّعي ، ومصدر المتعدي : الرعاية. ومنه قول النّابغة :
رأيتك ترعاني بعين بصيرة
والجملة الثالثة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى) معترضة مؤكدة للاستدلال ؛ فبعد أن أشير إلى ما في المخلوقات المذكورة آنفا من الدلالة على وجود الصانع ووحدانيته ، والمنّة بها على الإنسان لمن تأمل ، جمعت في هذه الجملة وصرح بما في جميعها من الآيات الكثيرة. وكلّ من الاعتراض والتوكيد مقتض لفصل الجملة.
وتأكيد الخبر بحرف (إنّ) لتنزيل المخاطبين منزلة المنكرين ، لأنّهم لم ينظروا في دلالة تلك المخلوقات على وحدانية الله ، وهم يحسبون أنفسهم من أولي النّهى ، فما كان عدم اهتدائهم بتلك الآيات إلّا لأنهم لم يعدوها آيات. لا جرم أنّ ذلك المذكور مشتمل على آيات جمّة يتفطن لها ذوو العقول بالتأمّل والتفكّر ، وينتبهون لها بالتذكير.
والنهى : اسم جمع نهية ـ بضم النون وسكون الهاء ـ ، أي العقل ، سمي نهية لأنّه سبب انتهاء المتحلي به عن كثير من الأعمال المفسدة والمهلكة ، ولذلك أيضا سمّي بالعقل وسمي بالحجر.
(مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥))