وانتصب (هذِهِ الْحَياةَ) على النيابة عن المفعول فيه ، لأنّ المراد بالحياة مدّتها.
والقصر المستفاد من (إنما) قصر موصوف على صفة ، أي إنك مقصور على القضاء في هذه الحياة الدنيا لا يتجاوزه إلى القضاء في الآخرة ، فهو قصر حقيقيّ.
وجملة (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا) في محلّ العلّة لما تضمنه كلامهم.
ومعنى (وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) أنه أكرههم على تحدّيهم موسى بسحرهم فعلموا أن فعلهم باطل وخطيئة لأنّه استعمل لإبطال إلهيّة الله ، فبذلك كان مستوجبا طلب المغفرة.
وجملة (وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى) في موضع الحال ، أو معترضة في آخر الكلام للتذييل. والمعنى : أنّ الله خير لنا بأن نؤثره منك ، والمراد : رضى الله ، وهو أبقى منك ، أي جزاؤه في الخير والشرّ أبقى من جزائك فلا يهولنا قولك (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) [طه : ٧١] ، فذلك مقابلة لوعيده مقابلة تامة.
[٧٤ ـ ٧٦] (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى (٧٤) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى (٧٥) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى (٧٦))
هذه الجمل معترضة بين حكاية قصة السحرة وبين ذكر قصّة خروج بني إسرائيل ، ساقها الله موعظة وتأييدا لمقالة المؤمنين من قوم فرعون. وقيل : هي من كلام أولئك المؤمنين. ويبعده أنه لم يحك نظيره عنهم في نظائر هذه القصّة.
والمجرم : فاعل الجريمة ، وهي المعصية والفعل الخبيث. والمجرم في اصطلاح القرآن هو الكافر ، كقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) [المطففين : ٢٩].
واللام في (لَهُ جَهَنَّمَ) لام الاستحقاق ، أي هو صائر إليها لا محالة ، ويكون عذابه متجدّدا فيها ؛ فلا هو ميت لأنّه يحس بالعذاب ولا هو حيّ لأنه في حالة الموت أهون منها ، فالحياة المنفية حياة خاصة وهي الحياة الخالصة من العذاب والآلام. وبذلك لم يتناقض نفيها مع نفي الموت ، وهو كقول عبّاس بن مرداس :
وقد كنت في الحرب ذا تدرإ |
|
فلم أعط شيئا ولم أمنع |