وليس هذا من قبيل قوله (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ) [البقرة : ٦٨] ولا قوله (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) [النور : ٣٥].
وأما خلود غير الكافرين في النّار من أهل الكبائر فإن قوله (لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) جعلها غير مشمولة لهذه الآية. ولها أدلّة أخرى اقتضت خلود الكافر وعدم خلود المؤمن العاصي. ونازعنا فيها المعتزلة والخوارج. وليس هذا موضع ذكرها وقد ذكرناها في مواضعها من هذا التفسير.
والإتيان باسم الإشارة في قوله : (فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ) للتنبيه على أنهم أحرياء بما يذكر بعد اسم الإشارة من أجل ما سبق اسم الإشارة.
وتقدم معنى (عَدْنٍ) وتفسير (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) في قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ) في سورة براءة [٧٢].
والتزكّي : التطهر من المعاصي.
(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (٧٧))
افتتاح الجملة بحرف التحقيق للاهتمام بالقصة ليلقي السامعون إليها أذهانهم. وتغيير الأسلوب في ابتداء هذه الجملة مؤذن بأن قصصا طويت بين ذكر القصتين ، فلو اقتصر على حرف العطف لتوهّم أن حكاية القصة الأولى لم تزل متصلة فتوهم أن الأمر بالخروج وقع مواليا لانتهاء محضر السحرة ، مع أن بين ذلك قصصا كثيرة ذكرت في سورة الأعراف وغيرها ، فإن الخروج وقع بعد ظهور آيات كثيرة لإرهاب فرعون كلما همّ بإطلاق بني إسرائيل للخروج. ثمّ نكل إلى أن أذن لهم بأخرة فخرجوا ثمّ ندم على ذلك فأتبعهم.
فجملة (وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى) ابتدائية ، والواو عاطفة قصة على قصة وليست عاطفة بعض أجزاء قصة على بعض آخر.
و (أَسْرِ) أمر من السرى ـ بضم السين وفتح الراء ـ وتقدّم في سورة الإسراء أنه يقال : سرى وأسرى. وإنما أمره الله بذلك تجنّبا لنكول فرعون عليهم. والإضافة في قوله (بِعِبادِي) لتشريفهم وتقريبهم والإيماء إلى تخليصهم من استعباد القبط وأنهم ليسوا عبيدا لفرعون.