والضرب : هنا بمعنى الجعل كقولهم : ضرب الذهب دنانير. وفي الحديث : «واضربوا إليّ معكم بسهم» ، وليس هو كقوله (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) [الشعراء : ٦٣] لأنّ الضرب هنالك متعد إلى البحر وهنا نصب طريقا.
واليبس ـ بفتح المثناة والموحدة ـ. ويقال : ـ بسكون الموحدة ـ : وصف بمعنى اليابس. وأصله مصدر كالعدم والعدم ، وصف به للمبالغة ولذلك لا يؤنث فقالوا : ناقة يبس إذا جفّ لبنها.
و (لا تَخافُ) مرفوع في قراءة الجمهور ، وعد لموسى اقتصر على وعده دون بقية قومه لأنه قدوتهم فإذا لم يخف هو تشجعوا وقوي يقينهم ، فهو خبر مراد به البشرى. والجملة في موضع الحال.
وقرأ حمزة وحده لا تخف على جواب الأمر الذي في قوله (فَاضْرِبْ) ، وكلمة تخف مكتوبة في المصاحف بدون ألف لتكون قراءتها بالوجهين لكثرة نظائر هذه الكلمة ذات الألف في وسطها في رسم المصحف ويسميه المؤدبون «المحذوف».
وأما قوله (وَلا تَخْشى) فالإجماع على قراءته بألف في آخره. فوجه قراءة حمزة فيها مع أنّه قرأ بجزم المعطوف عليه أن تكون الألف للإطلاق لأجل الفواصل مثل ألف (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) [الأحزاب : ٦٧] وألف (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) [الأحزاب : ١٠] ، أو أن تكون الواو في قوله (وَلا تَخْشى) للاستئناف لا للعطف.
و (الدَّرْكِ) ـ بفتحتين ـ اسم مصدر الإدراك ، أي لا تخاف أن يدركك فرعون.
والخشية : شدّة الخوف. وحذف مفعوله لإفادة العموم ، أي لا تخشى شيئا ، وهو عامّ مراد به الخصوص ، أي لا تخشى شيئا مما يخشى من العدوّ ولا من الغرق.
[٧٨ ـ ٧٩] (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ (٧٨) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى (٧٩))
الفاء فصيحة عاطفة على مقدر يدلّ عليه الكلام السابق ، أي فسرى بهم فأتبعهم فرعون ، فإن فرعون بعد أن رأى آيات غضب الله عليه وعلى قومه وأيقن أنّ ذلك كله تأييد لموسى أذن لموسى وهارون أن يخرجا بني إسرائيل ، وكان إذن فرعون قد حصل ليلا لحدوث موتان عظيم في القبط في ليلة الشهر السابع من أشهر القبط وهو شهر (برمهات)