وتنكير (ذِكْراً) للتعظيم ، أي آتيناك كتابا عظيما. وقوله (مِنْ لَدُنَّا) توكيد لمعنى (آتَيْناكَ) وتنويه بشأن القرآن بأنه عطية كانت مخزونة عند الله فخص بها خير عباده.
والوزر : الإثم. وجعل محمولا تمثيل لملاقاة المشقة من جراء الإثم ، أي من العقاب عنه. فهنا مضاف مقدر وقرينته الحال في قوله (خالِدِينَ فِيهِ) ، وهو حال من اسم الموصول أو الضمير المنصوب بحرف التوكيد ، وما صدقهما ، متّحد وإنما اختلف بالإفراد والجمع رعيا للفظ (من) مرة ولمدلولها مرة. وهو الجمع المعرضون. فقال (مَنْ أَعْرَضَ) ثم قال (خالِدِينَ).
وجملة (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) حال ثانية ، أي ومسوءين به. و (ساء) هنا هو أحد أفعال الذم مثل (بئس). وفاعل (ساءَ) ضمير مستتر مبهم يفسره التمييز الذي بعده وهو (حِمْلاً). والحمل ـ بكسر الحاء ـ اسم بمعنى المحمول كالذّبح بمعنى المذبوح. والمخصوص بالذم محذوف لدلالة لفظ (وِزْراً) عليه. والتقدير : وساء لهم حملا وزرهم ، وحذف المخصوص في أفعال المدح والذم شائع كقوله تعالى : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ص : ٣٠] أي سليمان هو الأواب.
واللّام في قوله (وَساءَ لَهُمْ) لام التبيين. وهي مبيّنة للمفعول في المعنى ، لأن أصل الكلام : ساءهم الحمل ، فجيء باللام لزيادة تبيين تعلق الذم بحمله ، فاللّام لبيان الذين تعلّق بهم سوء الحمل.
والحمل ـ بكسر الحاء ـ المحمول مثل الذبح.
[١٠٢ ـ ١٠٤] (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢) يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (١٠٤))
(يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) بدل من (يَوْمَ الْقِيامَةِ) [طه : ١٠١] في قوله (وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً) [طه : ١٠١] ، وهو اعتراض بين جملة (وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) [طه : ٩٩] وما تبعها وبين جملة (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) [طه : ١١٣] ، تخلّص لذكر البعث والتذكير به والنذارة بما يحصل للمجرمين يومئذ.
والصور : قرن عظيم يجعل في داخله سداد لبعض فضائه فإذا نفخ فيه النافخ بقوة