الأمر المرغوب ، وإنما يطرد ذلك في عاقبة خير الآخرة. وقد تكون العاقبة في خير الدنيا أيضا للتقوى.
وهذه الجملة تذييل لما فيها من معنى العموم ، أي لا تكون العاقبة إلا للتقوى. فهذه الجملة أرسلت مجرى المثل.
(وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣))
رجوع إلى التنويه بشأن القرآن ، وبأنه أعظم المعجزات. وهو الغرض الذي انتقل منه إلى أغراض مناسبة من قوله (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) [طه : ١١٣].
والمناسبة في الانتقال هو ما تضمنه قوله (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) [طه : ١٣٠] فجيء هنا بشنع من أقوالهم التي أمر الله رسوله بأن يصبر عليها في قوله (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ). فمن أقوالهم التي يقصدون منها التعنت والمكابرة أن قالوا : لو لا يأتينا بآية من عند ربّه فنؤمن برسالته ، كما قال تعالى : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) [الأنبياء : ٥].
ولو لا حرف تحضيض. وجملة (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) في موضع الحال ، والواو للحال ، أي قالوا ذلك في حال أنّهم أتتهم بيّنة ما في الصحف الأولى. فالاستفهام إنكاري ، أنكر به نفي إتيان آية لهم الذي اقتضاه تحضيضهم على الإتيان بآية.
والبيّنة : الحجة.
و (الصُّحُفِ الْأُولى) : كتب الأنبياء السابقين ، كقوله تعالى : (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى * صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى) [الأعلى : ١٨ ـ ١٩].
والصحف : جمع صحيفة. وهي قطعة من ورق أو كاغد أو خرقة يكتب فيها. ولما كان الكتاب مجموع صحف أطلق الصحف على الكتب.
ووجه اختيار (الصُّحُفِ) هنا على الكتب أن في كلّ صحيفة من الكتب علما ، وأن جميعه حواه القرآن ، فكان كلّ جزء من القرآن آية ودليلا.