[٢٥ ـ ٢٦] (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦))
فائدة قوله (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أن يكون إثمار الجذع اليابس رطبا ببركة تحريكها إياه ، وتلك كرامة أخرى لها. ولتشاهد بعينها كيف يثمر الجذع اليابس رطبا. وفي ذلك كرامة لها بقوّة يقينها بمرتبتها.
والباء في (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) لتوكيد لصوق الفعل بمفعوله مثل (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) [المائدة : ٦] وقوله (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة : ١٩٥].
وضمن (وَهُزِّي) معنى قرّبي أو أدني ، فعدي ب (إلى) ، أي حرّكي جذع النخلة وقرّبيه يدن إليك ويلن بعد اليبس ويسقط عليك رطبا.
والمعنى : أدني إلى نفسك جذع النخلة. فكان فاعل الفعل ومتعلقه متحدا ، وكلاهما ضمير معاد واحد ، ولا ضمير في ذلك لصحة المعنى وورود أمثاله في الاستعمال نحو (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) [القصص : ٣٢]. فالضامّ والمضموم إليه واحد. وإنما منع النحاة أن يكون الفاعل والمفعول ضميري معاد واحد إلّا في أفعال القلوب ، وفي فعلي : عدم وفقد ، لعدم سماع ذلك ، لا لفساد المعنى ، فلا يقاس على ذلك منع غيره.
والرطب : تمر لم يتم جفافه.
والجنيّ : فعيل بمعنى مفعول ، أي مجتنى ، وهو كناية عن حدثان سقوطه ، أي عن طراوته ولم يكن من الرطب المخبوء من قبل لأن الرطب متى كان أقرب عهدا بنخلته كان أطيب طعما.
و (تُساقِطْ) قرأه الجمهور ـ بفتح التاء وتشديد السين ـ أصله تتساقط بتاءين أدغمت التاء الثانية في السين ليتأتى التخفيف بالإدغام.
وقرأه حمزة ـ بتخفيف السين ـ على حذف إحدى التاءين للتخفيف. و (رُطَباً) على هاته القراءات تمييز لنسبة التساقط إلى النخلة.
وقرأه حفص ـ بضم التاء وكسر السين ـ على أنه مضارع ساقطت النخلة تمرها ، مبالغة في أسقطت و (رُطَباً) مفعول به.