أبويها فكانت امرأة سوء وكانت بغيا ؛ وما كان أبوها امرأ سوء ولا كانت أمها بغيا فكانت مبتكرة الفواحش في أهلها. وهم أرادوا ذمّها فأتوا بكلام صريحه ثناء على أبويها مقتض أن شأنها أن تكون مثل أبويها.
(فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩))
أي أشارت إليه إشارة دلّت على أنها تحيلهم عليه ليسألوه عن قصته ، أو أشارت إلى أن يسمعوا منه الجواب عن توبيخهم إياها وقد فهموا ذلك من إشارتها.
ولما كانت إشارتها بمنزلة مراجعة كلام حكى حوارهم الواقع عقب الإشارة بجملة القول مفصولة غير معطوفة.
والاستفهام : إنكار ؛ أنكروا أن يكلموا من ليس من شأنه أن يتكلم ، وأنكروا أن تحيلهم على مكالمته ، أي كيف نترقب منه الجواب أو كيف نلقي عليه السؤال ، لأن الحالتين تقتضيان التكلم.
وزيادة فعل الكون في (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ) للدلالة على تمكن المظروفية في المهد من هذا الذي أحيلوا على مكالمته ، وذلك مبالغة منهم في الإنكار ، وتعجب من استخفافها بهم. ففعل (كان) زائد للتوكيد ، ولذلك جاء بصيغة المضي لأن (كان) الزائدة تكون بصيغة الماضي غالبا.
وقوله (فِي الْمَهْدِ) خبر (من) الموصولة.
و (صَبِيًّا) حال من اسم الموصول.
و (المهد) فراش الصبي وما يمهد لوضعه.
[٣٠ ـ ٣٣] (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (٣٣))
كلام عيسى هذا مما أهملته أناجيل النصارى لأنهم طووا خبر وصولها إلى أهلها بعد وضعها ، وهو طيّ يتعجب منه. ويدل على أنها كتبت في أحوال غير مضبوطة ، فأطلع الله تعالى عليه نبيئه صلىاللهعليهوسلم.