وضمير (لَهُمْ) عائد إلى إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهمالسلام.
و (من) في قوله (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ) [الصافات : ١١٣] إما حرف تبعيض صفة لمحذوف دلّ عليه (وَهَبْنا) ، أي موهوبا من رحمتنا. وإما اسم بمعنى بعض بتأويل ، كما تقدم عند قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ) في سورة البقرة [٨]. وإن كان النحاة لم يثبتوا لكلمة (من) استعمالها اسما كما أثبتوا ذلك لكلمات (الكاف) و (عن) و (على) لكن بعض موارد الاستعمال تقتضيه ، كما قال التفتازانيّ في «حاشية الكشاف» ، وأقرّه عبد الحكيم. وعلى هذا تكون (من) في موضع نصب على المفعول به لفعل (وَهَبْنا) ، أي وهبنا لهم بعض رحمتنا ، وهي النبوءة ، لأنها رحمة لهم ولمن أرسلوا إليهم.
واللسان : مجاز في الذكر والثناء.
ووصف لسان بصدق وصفا بالمصدر.
الصدق : بلوغ كمال نوعه ، كما تقدم آنفا ، فلسان الصدق ثناء الخير والتبجيل ، ووصف بالعلوّ مجازا لشرف ذلك الثناء.
وقد رتّب جزاء الله إبراهيم على نبذه أهل الشرك ترتيبا بديعا إذ جوزي بنعمة الدنيا وهي العقب الشريف ، ونعمة الآخرة وهي الرحمة ، وبأثر تينك النعمتين وهو لسان الصدق ، إذ لا يذكر به إلا من حصل النعمتين.
وتقدم اختلاف القراء في نبيئا عند ذكر إبراهيم عليهالسلام.
[٥١ ـ ٥٣] (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣))
أفضت مناسبة ذكر إبراهيم ويعقوب إلى أن يذكر موسى في هذا الموضع لأنه أشرف نبي من ذرية إسحاق ويعقوب.
والقول في جملة (وَاذْكُرْ) وجملة (إِنَّهُ كانَ) كالقول في نظيريهما في ذكر إبراهيم عدا أن الجملة هنا غير معترضة بل مجرد استئناف.