(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) في سورة آل عمران [١٩٣].
وهذا النداء هو الكلام الموجه إليه من جانب الله تعالى. قال تعالى : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ) برسالتي وبكلامي في سورة الأعراف [١٤٤] ، وتقدم تحقيق صفته هناك ، وعند قوله تعالى : (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) في سورة براءة [٦].
والطّور : الجبل الواقع بين بلاد الشام ومصر ، ويقال له : طور سيناء.
وجانبه : ناحيته السفلى ، ووصفه بالأيمن لأنه الذي على يمين مستقبل مشرق الشمس ، لأن جهة مشرق الشمس هي الجهة التي يضبط بها البشر النواحي.
والتقريب : أصله الجعل بمكان القرب ، وهو الدنو وهو ضد البعد. وأريد هنا القرب المجازي وهو الوحي. فقوله : (نَجِيًّا) حال من ضمير (مُوسى) ، وهي حال مؤكدة لمعنى التقريب.
ونجّي : فعيل بمعنى مفعول من المناجاة. وهي المحادثة السرية ؛ شبّه الكلام الذي لم يكلم بمثله أحدا ولا أطلع عليه أحدا بالمناجاة. وفعيل بمعنى مفعول ، يجيء من الفعل المزيد المجرد بحذف حرف الزيادة ، مثل جليس ونديم ورضيع.
ومعنى هبة أخيه له : أن الله عزّزه به وأعانه به ، إذ جعله نبيئا وأمره أن يرافقه في الدعوة ، لأن في لسان موسى حبسة ، وكان هارون فصيح اللسان ، فكان يتكلم عن موسى بما يريد إبلاغه ، وكان يستخلفه في مهمات الأمة. وإنما جعلت تلك الهبة من رحمة الله لأن الله رحم موسى إذ يسّر له أخا فصيح اللسان ، وأكمله بالإنباء حتى يعلم مراد موسى مما يبلغه عن الله تعالى. ولم يوصف هارون بأنه رسول إذ لم يرسله الله تعالى ، وإنما جعله مبلّغا عن موسى. وأما قوله تعالى : (فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧] فهو من التغليب.
[٥٤ ، ٥٥] (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥))
خصّ إسماعيل بالذكر هنا تنبيها على جدارته بالاستقلال بالذكر عقب ذكر إبراهيم وابنه إسحاق ، لأن إسماعيل صار جدّ أمة مستقلة قبل أن يصير يعقوب جدّ أمة ، ولأن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم وشريكه في بناء الكعبة. وتقدم ذكر إسماعيل عند قوله