تعالى : (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) في سورة البقرة [١٢٧].
وخصه بوصف صدق الوعد لأنه اشتهر به وتركه خلقا في ذريته.
وأعظم وعد صدقه وعده إياه إبراهيم بأن يجده صابرا على الذبح فقال (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات : ١٠٢].
وجعله الله نبيئا ورسولا إلى قومه ، وهم يومئذ لا يعدون أهله أمه وبنيه وأصهاره من جرهم. فلذلك قال الله تعالى : (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) ثم إن أمة العرب نشأت من ذريته فهم أهله أيضا ، وقد كان من شريعته الصلاة والزكاة وشئون الحنيفية ملة أبيه إبراهيم.
ورضى الله عنه : إنعامه عليه نعما كثيرة ، إذ باركه وأنمى نسله وجعل أشرف الأنبياء من ذريته ، وجعل الشريعة العظمى على لسان رسول من ذريته.
وتقدم اختلاف القراء في قراءة نبيئا بالهمز أو بالياء المشددة.
وتقدم توجيه الجمع بين وصف رسول ونبيء عند ذكر موسى عليهالسلام آنفا.
[٥٦ ، ٥٧] (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧))
إدريس : اسم جعل علما على جد أبي نوح ، وهو المسمى في التوراة (أخنوخ). فنوح هو ابن لامك بن متوشالح بن أخنوخ ، فلعل اسمه عند نسّابي العرب إدريس ، أو أن القرآن سماه بذلك اسما مشتقا من الدرس لما سيأتي قريبا. واسمه (هرمس) عند اليونان ، ويزعم أنه كذلك يسمى عند المصريين القدماء ، والصحيح أن اسمه عند المصريين (توت) أو (تحوتي) أو (تهوتي) لهجات في النطق باسمه.
وذكر ابن العبري في «تاريخه» : «أن إدريس كان يلقب عند قدماء اليونان (طريسمجيسطيس) ، ومعناه بلسانهم ثلاثي التعليم ، لأنه كان يصف الله تعالى بثلاث صفات ذاتية وهي الوجود والحكمة والحياة» اه.
ولا يخفى قرب الحروف الأولى في هذا الاسم من حروف إدريس ، فلعل العرب اختصروا الاسم لطوله فاقتصروا على أوله مع تغيير.