الصُّدُورِ) [هود : ٥].
يبقى النظر في توجيه الإتيان بهذا الشرط بطريقة الاعتراض ، وتوجيه اختيار فرض الشرط بحالة الجهر دون حالة السر مع أن الذي يتراءى للناظر أنّ حالة السر أجدر بالذكر في مقام الإعلام بإحاطة علم الله تعالى بما لا يحيط به علم الناس ، كما ذكر في الخبر المروي عن ابن مسعود في الآية الآنفة الذكر.
وأحسب لفرض الشرط بحالة الجهر بالقول خصوصية بهذا السياق اقتضاها اجتهاد النبي صلىاللهعليهوسلم في الجهر بالقرآن في الصلاة أو غيرها ، فيكون مورد هذه الآية كمورد قوله تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) [الأعراف : ٢٠٥] فيكون هذا مما نسخه قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [الحجر : ٩٤] ، وتعليم للمسلمين باستواء الجهر والسر في الدعاء ، وإبطال لتوهم المشركين أن الجهر أقرب إلى علم الله من السر ، كما دل عليه الخبر المروي عن أبي مسعود المذكور آنفا.
والقول : مصدر ، وهو تلفظ الإنسان بالكلام ، فيشمل القراءة والدعاء والمحاورة ، والمقصود هنا ما له مزيد مناسبة بقوله تعالى : (ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) [طه:٢]الآيات.
وجواب شرط (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) محذوف يدل عليه قوله : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى). والتقدير : فلا تشقّ على نفسك فإنّ الله يعلم السر وأخفى ، أي فلا مزية للجهر به.
وبهذا تعلم أن ليس مساق الآية لتعليم الناس كيفية الدعاء ، فقد ثبت في السّنّة الجهر بالدعاء والذكر ، فليس من الصواب فرض تلك المسألة هنا إلّا على معنى الإشارة.
و (أَخْفى) اسم تفضيل ، وحذف المفضل عليه لدلالة المقام عليه ، أي وأخفى من السر. والمراد بأخفى منه : ما يتكلم اللسان من حديث النفس ونحوه من الأصوات التي هي أخفى من كلام السر.
(اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (٨))
تذييل لما قبله لأنّ ما قبله تضمن صفات من فعل الله تعالى ومن خلقه ومن عظمته فجاء هذا التذييل بما يجمع صفاته.
واسم الجلالة خبر لمبتدإ محذوف. والتقدير : هو الله ، جريا على ما تقدّم عند قوله