٢ ـ انه انتقل من عمان الى العراق ، وكأنه يعيد سيرة الخليل الجليل الذي سبقه في هذه الرحلة من قَبْل ثلاثة قرون ونيّف .. وقد ذكر في أكثر من مكان من كتابه عن ألفاظ معيّنة أنه سمعها في البصرة أو بغداد. ومن المحتمل أن رحلته إلى هناك تمت عن طريق البحر ، حيث نزل البصرة المدينة التي غلب عليها الأزديون منذ أوائل تمصيرها في أثناء الفتح الاسلامي لوادي الرافدين .. المدينة التي سبق لها أن احتفلت بكبار علمائها الأزديين كالخليل وابن دريد وغيرهما.
غير أنه ـ في القرن الخامس للهجرة ـ كانت حاضرة العلم والثقافة قد انتقلت من البصرة والكوفة واستقرت في بغداد .. فلا غرو أن ييمّم الأزدي وجهه شطر بغداد.
٣ ـ ثم انتقل الى بلاد فارس حيث شافَهَ البيرونيّ كما تفصح عنه بعض نصوص هذا الكتاب. والبيرونيّ أحد الذين شهروا بالصّيدلة وعلم النبات.
٤ ـ ويبدو أن الصّيدلة والنباتات لم تجد لها هوى كبيرا في نفس أبي محمّد الأزدي لذلك شدّ الرحال الى ابن سينا ، حيث لزمه وتتلمذ على يديه .. ويلوح ذلك بكل جلاء في كثير من موادّ الكتاب ، إذ لا يكاد باب منه يخلو من ذكر ابن سينا وتقول عنه بما ينبئ عن اعتداد الأزدي به كثيرا ، واعتماده على اجتهاداته الطبية في أكثر من موضع من كتابه هذا. ومن الطريف أن نلاحظ أنّ الأزديّ يتّخذ موقف نصرة أستاذه ابن سينا كلّما عرض لمسألة خلافية بين الأطباء ، فهو مع عرضه لآراء مخالفي ابن سينا إلّا أنه يناقش آراء أولئك المعارضين ليثبت صواب موقف شيخه الذي كان غالبا ما ينعته بقوله" شيخنا العلّامة". ونلاحظ ـ أيضا ـ أن كثيرا من الآراء التي ينقلها المؤلف عن