فقال أعرابىّ : يا رسول الله ، فما بال الإبل تكون فى الرَّمْل كأنّها الظّباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (فمَنْ أعْدَى الأوّل).
واختلفوا فى معنى قوله (لا عَدْوَى). وأظْهَر ما قيل فى ذلك انّه نَفْىٌ لما كان يعتقده أهل الجاهليّة من انّ هذه الأمراض تُعدى بطبعها من غير اعتقادِ تقدير الله لذلك. ويدلّ على هذا قوله : (فمَنْ أعْدَى الأوّل). يُشير الى أنّ الأوّل إنّما جَرب بقضاء الله وقَدَرِه فكذلك الثّانى وما بعده.
وسبب الجُذام الفاعلىّ الأقْدَم سُوء مِزاج الكَبِد المائل جدّا إلى حرارة ويُبوسة ، فيحترق الدّم ، ويصير أسود ، أو سُوء مزاج البدن كلّه.
وسببه المادّىّ هو الأغذية السَّوداويّة.
والعِلَّة مُعدية ، وقد تقع بالأرْث.
وهذه العِلّة تُسَمَّى داء الأسَد. قيل : إنّما سُمِّيَت بذلك لأنّها كثيرا ما تَعْتَرِى الأسد. وقيل لأنّها تهجم على وجه صاحبها فتجعل وجهه كوجه الأسَد فى تَعَجُّزِه واستدارة عينيه. وقيل لأنّها تفترس من تأخذه كافتراس الأسد. والضَّعيف منها عَسِر العِلاج. والقَوِىّ مَيؤوس من علاجه.
وهذه العِلّة لا تزال تُفْسِد مِزاج الأعضاء بمضادّة الكيفيّة المضادّة للحياة أعنِى الحرارة والرّطوبة حتّى تَبْلُغ الى الأعضاء الرئيسيّة ، وهنالك تَقْتُل.
وتبتدئ أوّلا من الأطراف ثمّ تَدبّ يَسيراً يَسيراً الى البَدَن. ولمّا كان السّرطان ، وهو جُذام عَضْوٍ واحد ممّا لا بُرْءَ له ، فما تقول فى الجُذام الذى هو سَرطان البَدَن كلّه.
العلامات :
إذا ابتدأ الجُذام ابتدأَ اللّون يَحمّر الى سَوادٍ ، وتظهر فى العَين كُمودة الى حُمْرَة ، ويَظْهَر فى النَّفَس ضِيْق ، وفى الصّوت بَحَّة ، ويَكثر العُطاس ، ويأخذ الشَّعَر فى الدِّقَّة والقِلَّة ، ثمّ يزداد ضِيْق النَّفَس ، ويَصير الصَّوت فى غاية البَحَّة