العَطَش. قال الشاعر :
وقَدْ عادَ ماءُ الأرضِ بَحْراً فزادَنى |
|
إلى مَرَضى أن أبحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ (١٠) |
وأجود ما يكون النَّهرُ انْ يطول مجراهُ ويمرّ على الحجارة تارةً وعلى الحصَى أُخرَى ثمّ على الرّمل والطّين الأبْليز. (١١) وأردأُ ما يكون ماؤه عند تَناهى نَقْصه وفى ابتداء زيادته. وهو فى الغالب لا يظهر فيه تغيّرٌ يُفْسدُ طعمَه أو رِيحَه ، فى سِني الخِصب وغزارة الماء بخاصّة.
وهو فى أكثر الحالات لذيذ الشّرب حلو الطّعم صافى الجوهر شديد التّرطيب ، يدرّ الطّمث ويُليّن الطّبيعة ويزيد فى الباه.
والماء البارد نافعٌ لمَنْ به هيضةٌ مُفْرِطة ، شربَ دواء مُسهِلاً فأفرَطَ معه ، ولمن به التهابٌ مِنْ شُرْب الشّراب الصّرف أو عطَش مُفرِطٌ صَفراوىّ أو حُمَّى مُحرِقَةٌ أو ذَوَبانٌ أو غَثَيانٌ أو فُواقٌ أو نَتَن رائحة فى الفم. ويلائم المعدةَ الحارّة الصّحيحة ويُقَوّيها ويمنع انصبابَ الموادّ إليها ، ولذلك يُعِينُ على هضْم الطّعام ويُنعِش الحرارة الغريزيّة ويدفَع الغشْىَ الحارَّ والبارد ، ويدرّ البول.
وجميع ما يفعلُه بالعَرَض لزيادته القُوَّةَ وجمعه للمعدة. ويُبرِئُ من الحميّات المُحْرِقَة ، وحينئذٍ يجب أن يُشرَب منه مِقدارٌ كثير حتّى يُطْفِئَ حرارةَ الحمَّى دَفْعَةً. وأمّا القليل منه فإنّه لا يفى بإطفائها وربّما كان مادّةً للزّيادة.
والماء لا يغذو فطبيعته تخلو من طبيعة الأغذية المركَّبة التى تنحلّ مركّباتها الى الكَيموسات (١٢) فى الآلات الهاضمة. وإنّما يُسْتَعْمَل لترقيق الغِذاء وطبخه وتليينه لينفذ فى المجارى الضّيِّقة. وإنّى أنهى عن شُرب الماء مع أكل الطّعام إلّا إذا اقتضت الضَّرورة ذلك. وقد نَهى غيرُنا عن الجمْع بين ماء البئر وماء النّهر