واللهو فلم يفقهوا معانيه وكان حظهم منه سماع ألفاظه كقوله تعالى : (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) في سورة [البقرة : ١٧١].
والذكر : القرآن أطلق عليه اسم الذكر الذي هو مصدر لإفادة قوة وصفه بالتذكير.
والمحدث : الجديد. أي الجديد نزوله متكررا ، وهو كناية عن عدم انتفاعهم بالذكر كلما جاءهم بحيث لا يزالون بحاجة إلى إعادة التذكير وإحداثه مع قطع معذرتهم لأنه لو كانوا سمعوا ذكرا واحدا فلم يعبئوا به لانتحلوا لأنفسهم عذرا كانوا ساعتئذ في غفلة ، فلما تكرر حدثان إتيانه تبين لكل منصف أنهم معرضون عنه صدا.
ونظير هذا قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) في سورة [الشعراء : ٥] ، وليس المراد بمحدث ما قابل القديم في اصطلاح علم الكلام لعدم مناسبته لسياق النظم.
ومسألة صفة كلام الله تعالى تقدم الخوض فيها عند قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) في سورة [النساء : ١٦٤].
وجملة (اسْتَمَعُوهُ) حال من ضمير النصب في (يَأْتِيهِمْ) وهذا الحال مستثنى من عموم أحوال أي ما يأتيهم ذكر في حال إلا في حال استماعهم.
وجملة (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) حال لازمة من ضمير الرفع في (اسْتَمَعُوهُ) مقيّدة لجملة (اسْتَمَعُوهُ) لأن جملة (اسْتَمَعُوهُ) حال باعتبار أنها مقيّدة بحال أخرى هي المقصودة من التقييد وإلّا لصار الكلام ثناء عليهم. وفائدة هذا الترتيب بين الجملتين الحاليتين الزيادة لقطع معذرتهم المستفاد من قوله (مُحْدَثٍ) كما علمت.
و (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) حال من المبتدأ في جملة (وَهُمْ يَلْعَبُونَ) وهي احتراس لجملة (اسْتَمَعُوهُ) أي استماعا لا وعي معه.
(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ).
جملة مستأنفة يجوز أن تكون عطفا على جملة (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) [الأنبياء : ١] إلى آخرها ، لأن كلتا الجملتين مسوقة لذكر أحوال تلقي المشركين لدعوة النبيصلىاللهعليهوسلم