وفي كتاب «لسان العرب» «في حديث عمر : في الحرام كفارة يمين : هو أن يقول الرجل : حرام الله لا أفعل ، كما يقول : يمين الله لا أفعل ، وهي لغة العقيليين» اه. ورأيت في مجموعة أدبية عتيقة (من كتب جامع الزيتونة عددها ٤٥٦١) : أن بني عقيل يقولون حرام الله لآتينك كما يقال يمين الله لآتينك انتهى. وهو يشرح كلام «لسان العرب» بأن هذا اليمين لا يختص بالحلف على النفي كما في مثال «لسان العرب».
فيتأتى على هذا وجه ثالث في تفسير قوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) أي ويمين منا على قرية ، فحرف (على) داخل على المسلطة عليه اليمين ، كما تقول : عزمت عليك ، وكما يقال : حلفت على فلان أن لا ينطق. وكقول الراعي :
إني حلفت على يمين برّة |
|
لا أكتم اليوم الخليفة قيلا |
وفتح همزة «أنّ» في اليمين أحد وجهين فيها في سياق القسم.
ومعنى (لا يَرْجِعُونَ) على هذا الوجه لا يرجعون إلى الإيمان لأن الله علم ذلك منهم فقدر إهلاكهم.
وقرأ الجمهور (وَحَرامٌ) ـ بفتح الحاء وبألف بعد الراء ـ. وقرأه حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم وحرم ـ بكسر الحاء وسكون الراء ـ ، وهو اسم بمعنى حرام.
والكلمة مكتوبة في المصحف بدون ألف ومروية في روايات القراء بوجهين ، وحذف الألف المشبعة من الفتحة كثير في المصاحف.
[٩٦ ـ ٩٧] (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (٩٦) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧))
(حتى) ابتدائية. والجملة بعدها كلام مستأنف لا محل له من الإعراب ولكن (حتّى) تكسبه ارتباطا بالكلام الذي قبله. وظاهر كلام الزمخشري : أن معنى الغاية لا يفارق (حتّى) حين تكون للابتداء ، ولذلك عني هو ومن تبعه من المفسرين بتطلب المغيّا بها هاهنا فجعلها في «الكشاف» غاية لقوله (وَحَرامٌ) فقال : «(حتّى) متعلقة ب (حَرامٌ) وهي غاية له لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة» اه. أي : فهو من تعليق الحكم على أمر لا يقع كقوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) [الأعراف: ٤٠] ، ويتركب على كلامه الوجهان اللذان تقدما في معنى الرجوع من قوله تعالى : (أَنَّهُمْ لا