الإضافي من شأنه ردّ اعتقاد المخاطب بجملة القصر لزم اعتبار ردّ اعتقاد المشركين بالقصرين.
فالقصر الأول لإبطال ما يلبسون به على الناس من أن محمدا صلىاللهعليهوسلم يدعو إلى التوحيد ثم يذكر الله والرحمن ، ويلبسون تارة بأنه ساحر لأنه يدعو إلى ما لا يعقل ، قال تعالى : (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) [ص : ٤ ـ ٥] فيكون معنى الآية في معنى قوله تعالى : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٩] وقوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) [الزخرف : ٤٥].
ثم إن كلا القصرين كان كلمة جامعة لدعوة الإسلام تقريبا لشقة الخلاف والتشعيب. وعلى جميع هذه الاعتبارات تفرع عليها جملة (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
والاستفهام حقيقي ، أي فهل تسلمون بعد هذا البيان. وهو مستعمل أيضا في معنى كنائي وهو التحريض على نبذ الإشراك وعلى الدخول في دعوة الإسلام.
واسم الفاعل مستعمل في الحال على أصله ، أي فهل أنتم مسلمون الآن استبطاء لتأخر إسلامهم. وصيغ ذلك في الجملة الاسمية الدالة على الثبات دون أن يقال : فهل تسلمون ، لإفادة أن المطلوب منهم إسلام ثابت. وكأنّ فيه تعريضا بهم بأنهم في ريب يترددون.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ (١٠٩))
أي فإن أعرضوا بعد هذا التبيين المفصّل والجامع فأبلغهم الإنذار بحلول ما توعّدهم الله به.
والإيذان : الإعلام ، وهو بوزن أفعل من أذن لكذا بمعنى سمع. واشتقاقه من اسم الأذن ، وهي جارحة السمع ، ثم استعمل بمعنى العلم بالسمع ثم شاع استعماله في العلم مطلقا.
وأما (آذن) فهو فعل متعد بالهمزة وكثر استعمال الصيغتين في معنى الإنذار وهو الإعلام المشوب بتحذير. فمن استعمال أذن قوله تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)