الآخرة.
فخسارة الدنيا بسبب ما أصابه فيها من الفتنة ، وخسارة الآخرة بسبب عدم الانتفاع بثوابها المرجوّ له.
والمبين : الذي فيه ما يبين للناس أنه خسران بأدنى تأمل. والمراد أنه خسران شديد لا يخفى.
والإتيان باسم الإشارة لزيادة تمييز المسند إليه أتم تمييز لتقرير مدلوله في الأذهان.
وضمير (هُوَ) ضمير فصل ، والقصر المستفاد من تعريف المسند قصر ادعائي. ادعي أن ماهية الخسران المبين انحصرت في خسرانهم ، والمقصود من القصر الادعائي تحقيق الخبر ونفي الشك في وقوعه. وضمير الفصل أكد معنى القصر فأفاد تقوية الخبر المقصور.
(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢))
جملة (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ) إلخ حال من ضمير (انْقَلَبَ) [الحج : ١١].
وقدم الضر على النفع في قوله (ما لا يَضُرُّهُ) إيماء إلى أنه تملص من الإسلام تجنبا للضر لتوهمه أن ما لحقه من الضر بسبب الإسلام وبسبب غضب الأصنام عليه ، فعاد إلى عبادة الأصنام حاسبا أنها لا تضره. وفي هذا الإيماء تهكم به يظهر بتعقيبه بقوله تعالى : (وَما لا يَنْفَعُهُ) أي فهو مخطئ في دعائه الأصنام لتزيل عنه الضر فينتفع بفعلها.
والمعنى : أنها لا تفعل ما يجلب ضرّا ولا ما يجلب نفعا.
والإشارة في قوله (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ) إلى الدعاء المستفاد من (يَدْعُوا).
والقول في اسم الإشارة وضمير الفصل والقصر مثل ما تقدّم في قوله (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحج : ١١].
والبعيد : المتجاوز الحد المعروف في مدى الضلال ، أي هو الضلال الذي لا يماثله ضلال لأنه يعبد ما لاغناء له.
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣))