وللمجوسية شبه في الأصل بالإشراك إلا أنها تخالفه بمنع عبادة الأحجار ، وبأن لها كتابا ، فأشبهوا بذلك أهل الكتاب. ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم فيهم : «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» أي في الاكتفاء بأخذ الجزية منهم دون الإكراه على الإسلام كما يكره المشركون على الدخول في الإسلام.
وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) في [سورة النحل : ٥١].
وأعيدت (إنّ) في صدر الجملة الواقعة خبرا عن اسم (إنّ) الأولى توكيدا لفظيا للخبر لطول الفصل بين اسم (إن) وخبرها. وكون خبرها جملة وهو توكيد حسن بسبب طول الفصل. وتقدم منه قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) في [سورة الكهف : ٣٠]. وإذا لم يطل الفصل فالتوكيد بإعادة (إن) أقل حسنا كقول جرير :
إنّ الخليفة أنّ الله سربله |
|
سربال ملك به تزجى الخواتيم |
ولا يحسن إذا كان مبتدأ الجملة الواقعة خبرا ضمير اسم (إنّ) الأولى كما تقول : إن زيدا إنه قائم ، بل لا بد من الاختلاف ليكون المؤكد الثاني غير الأول فتقبل إعادة المؤكد وإن كان المؤكّد الأول كافيا.
والفصل : الحكم ، أي يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه من تصحيح الديانة.
وجملة (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا للإعلام بإحاطة علم الله بأحوالهم واختلافهم والصحيح من أقوالهم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨))
جملة مستأنفة لابتداء استدلال على انفراد الله تعالى بالإلهية. وهي مرتبطة بمعنى قوله (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) إلى قوله : (لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) [الحج : ١٢ ، ١٣] ارتباط الدليل بالمطلوب فإنّ دلائل أحوال المخلوقات كلها عاقلها وجمادها شاهدة بتفرد الله بالإلهية. وفي تلك الدلالة شهادة على بطلان دعوة من يدعو من