والإصهار : الإذابة بالنار أو بحرارة الشمس ، يقال : أصهره وصهّره.
وما في بطونهم : أمعاؤهم ، أي هو شديد في النفاذ إلى باطنهم.
والمقامع : جمع مقمعة ـ بكسر الميم ـ بصيغة اسم آلة القمع. والقمع : الكف عن شيء بعنف. والمقمعة : السوط ، أي يضربون بسياط من حديد.
ومعنى (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) أنهم لشدة ما يغمهم ، أي يمنعهم من التنفس ، يحاولون الخروج فيعادون فيها فيحصل لهم ألم الخيبة ، ويقال لهم : ذوقوا عذاب الحريق.
والحريق : النار الضخمة المنتشرة. وهذا القول إهانة لهم فإنهم قد علموا أنهم يذوقونه.
[٢٣ ، ٢٤] (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ (٢٤))
كان مقتضى الظاهر أن يكون هذا الكلام معطوفا بالواو على جملة (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) [الحج : ١٩] لأنه قسيم تلك الجملة في تفصيل الإجمال الذي في قوله : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) [الحج : ١٩] بأن يقال : والذين آمنوا وعملوا الصالحات يدخلهم الله جنات ... إلى آخره. فعدل عن ذلك الأسلوب إلى هذا النظم لاسترعاء الأسماع إلى هذا الكلام إذا جاء مبتدأ به مستقلا مفتتحا بحرف التأكيد ومتوّجا باسم الجلالة ، والبليغ لا تفوته معرفة أنّ هذا الكلام قسيم للذي قبله في تفصيل إجمال (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) [الحج : ١٩] لوصف حال المؤمنين المقابل لحال الذين كفروا في المكان واللباس وخطاب الكرامة.
فقوله : (يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا) إلخ مقابل قوله : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) [الحج : ٢٢]. وقوله : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) يقابل قوله (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) [الحج : ١٩]. وقوله : (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) مقابل قوله : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) [الحج : ١٩]. وقوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) مقابل قوله : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) [الحج : ٢٢] فإنه من القول النكد.