والذي يظهر أن الحرمات يشمل الهدايا والقلائد والمشعر الحرام وغير ذلك من أعمال الحجّ ، كالغسل في مواقعه ، والحلق ومواقيته ومناسكه.
(وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ)
لما ذكر آنفا بهيمة الأنعام وتعظيم حرمات الله أعقب ذلك بإبطال ما حرمه المشركون على أنفسهم من الأنعام مثل : البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحامي وبعض ما في بطونها. وقد ذكر في سورة الأنعام.
واستثني منه ما يتلى تحريمه في القرآن وهو ما جاء ذكره في [سورة الأنعام : ١٤٥] في قوله : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) الآيات وما ذكر في سورة النحل وكلتاهما مكيتان سابقتان.
وجيء بالمضارع في قوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ليشمل ما نزل من القرآن في ذلك مما سبق نزول سورة الحجّ بأنه تلي فيما مضى ولم يزل يتلى ، ويشمل ما عسى أن ينزل من بعد مثل قوله : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ) الآية في [سورة العقود : ١٠٣].
والأمر باجتناب الأوثان مستعمل في طلب الدوام كما في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [النساء : ١٣٦]. وفرع على ذلك جملة معترضة للتصريح بالأمر باجتناب ما ليس من حرمات الله ، وهو الأوثان.
واجتناب الكذب على الله بقولهم لبعض المحرمات (هذا حَلالٌ) مثل الدم وما أهلّ لغير الله به ، وقولهم لبعض : (هذا حَرامٌ) مثل البحيرة ، والسائبة. قال تعالى : (وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) [النحل : ١١٦].
والرّجس : حقيقته الخبث والقذارة ، وتقدم في قوله تعالى : (فَإِنَّهُ رِجْسٌ) في [سورة الأنعام : ١٤٥].
ووصف الأوثان بالرجس أنها رجس معنوي لكون اعتقاد إلهيتها في النفوس بمنزلة تعلّق الخبث بالأجساد فإطلاق الرجس عليها تشبيه بليغ.
و (من) في قوله من الأوثان بيان لمجمل الرجس ، فهي تدخل على بعض أسماء