يرجى منه خلاص كالذي تخطفته الطير ، ومنهم من شركه قد يخلص منه بالتوبة إلا أن توبته أمر بعيد عسير الحصول.
والخرور : السقوط. وتقدم في قوله : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) في [سورة النحل : ٢٦].
و (فَتَخْطَفُهُ) مضاعف خطف للمبالغة ، الخطف والخطف : أخذ شيء بسرعة سواء كان في الأرض أم كان في الجو ومنه تخطف الكرة. والهويّ : نزول شيء من علو إلى الأرض. والباء في (تَهْوِي بِهِ) للتعدية مثلها في : ذهب به.
وقرأ نافع ، وأبو جعفر (فَتَخْطَفُهُ) ـ بفتح الخاء وتشديد الطاء مفتوحة ـ مضارع خطّف المضاعف. وقرأه الجمهور ـ بسكون الخاء وفتح الطاء مخففة ـ مضارع خطف المجرّد.
(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢))
(ذلِكَ) تكرير لنظيره السابق.
الشعائر : جمع شعيرة : المعلم الواضح مشتقة من الشعور. وشعائر الله : لقب لمناسك الحجّ ، جمع شعيرة بمعنى : مشعرة بصيغة اسم الفاعل أي معلمة بما عينه الله.
فمضمون جملة (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) إلخ ... أخص من مضمون جملة (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) [الحج : ٣٠] وذكر الأخص بعد الأعم للاهتمام. أو بمعنى مشعر بها فتكون شعيرة فعيلة بمعنى مفعولة لأنها تجعل ليشعر بها الرائي. وتقدم ذكرها في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) في [سورة البقرة : ١٥٨]. فكل ما أمر الله به بزيارته أو بفعل يوقع فيه فهو من شعائر الله ، أي مما أشعر الله الناس وقرره وشهره. وهي معالم الحجّ : الكعبة ، والصفا والمروة ، وعرفة ، والمشعر الحرام ، ونحوها من معالم الحجّ.
وتطلق الشعيرة أيضا على بدنة الهدى. قال تعالى : (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) [الحج : ٣٦] لأنهم يجعلون فيها شعارا ، والشعار العلامة بأن يطعنوا في جلد جانبها الأيمن طعنا حتى يسيل منه الدم فتكون علامة على أنها نذرت للهدي ، فهي فعلية بمعنى مفعولة مصوغة من أشعر على غير قياس.
فعلى التفسير الأول تكون جملة (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) إلى آخرها عطفا على