جملة (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) [الحج : ٣٠] إلخ. وشعائر الله أخصّ من حرمات الله فعطف هذه الجملة للعناية بالشعائر.
وعلى التفسير الثاني للشعائر تكون جملة (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) عطفا على جملة (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) [الحج : ٢٨] تخصيصا لها بالذكر بعد ذكر حرمات الله.
وضمير (فَإِنَّها) عائد إلى شعائر الله المعظمة فيكون المعنى : فإن تعظيمها من تقوى القلوب.
وقوله (فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) جواب الشرط والرابط بين الشرط وجوابه هو العموم في قوله : (الْقُلُوبِ) فإن من جملة القلوب قلوب الذين يعظمون شعائر الله. فالتقدير : فقد حلّت التقوى قلبه بتعظيم الشعائر لأنها من تقوى القلوب ، أي لأنّ تعظيمها من تقوى القلوب.
وإضافة (تَقْوَى) إلى (الْقُلُوبِ) لأنّ تعظيم الشعائر اعتقاد قلبي ينشأ عنه العمل.
(لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣))
جملة (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) حال من الأنعام في قوله : (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) [الحج : ٣٠] وما بينهما اعتراضات أو حال من (شَعائِرَ اللهِ) [الحج : ٣٢] على التفسير الثاني للشعائر. والمقصود بالخبر هنا : هو صنف من الأنعام ، وهو صنف الهدايا بقرينة قوله : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ).
وضمير الخطاب موجّه للمؤمنين.
والمنافع : جمع منفعة ، وهي اسم النفع ، وهو حصول ما يلائم ويحفّ. وجعل المنافع فيها يقتضي أنها انتفاع بخصائصها مما يراد من نوعها قبل أن تكون هديا.
وفي هذا تشريع لإباحة الانتفاع بالهدايا انتفاعا لا يتلفها ، وهو رد على المشركين إذ كانوا إذا قلّدوا الهدي وأشعروه حظروا الانتفاع به من ركوبه وحمل عليه وشرب لبنه ، وغير ذلك.
وفي «الموطّأ» : «عن أبي هريرة : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال: اركبها؟ فقال : إنها بدنة ، فقال : اركبها ، فقال : إنها بدنة ، فقال : اركبها ، ويلك في الثانية