مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر : ٣]. فالمراد بالهدى في كلتا الآيتين عناية الله بتيسيره وإلا فإن الله هدى الفريقين بالدعوة والإرشاد فمنهم من اهتدى ومنهم من كفر.
وكتب في المصحف (لَهادِ) بدون ياء بعد الدال واعتبارا بحالة الوصل على خلاف الغالب. وفي الوقف يثبت يعقوب الياء بخلاف البقية.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥))
لمّا حكى عن الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم أن ما يلقيه لهم الشيطان من إبطال ما جاءت به الرّسل يكون عليهم فتنة. خصّ في هذه الآية الكافرين بالقرآن بعد أن عمّهم مع جملة الكافرين بالرسل ، فخصّهم بأنهم يستمر شكّهم فيما جاء به محمدصلىاللهعليهوسلم ويترددون في الإقدام على الإسلام إلى أن يحال بينهم وبينه بحلول الساعة بغتة أو بحلول عذاب بهم قبل الساعة ، فالذين كفروا هنا هم مشركوا العرب بقرينة المضارع في فعل (لا يَزالُ) وفعل (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ) الدّالين على استمرار ذلك في المستقبل.
ولأجل ذلك قال جمع من المفسرين : إن ضمير (فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) عائد إلى القرآن المفهوم من المقام ، والأظهر أنه عائد إلى ما عاد عليه ضمير (أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ) [الحج : ٥٤].
و (السَّاعَةُ) علم بالغلبة على يوم القيامة في اصطلاح القرآن ، واليوم : يوم الحرب ، وقد شاع إطلاق اسم اليوم على وقت الحرب. ومنه دعيت حروب العرب المشهورة «أيام العرب».
والعقيم : المرأة التي لا تلد ؛ استعير العقيم للمشئوم لأنهم يعدّون المرأة التي لا تلد مشئومة.
فالمعنى : يأتيهم يوم يستأصلون فيه قتلا : وهذا إنذار بيوم بدر.
[٥٦ ـ ٥٩] (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٥٧) وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٥٨) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ