والمهين : المذل ، أي لهم عذاب مشتمل على ما فيه مذلتهم كالضرب بالمقامع ونحوه.
وقرن (فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) بالفاء لما تضمنه التقسيم من معنى حرف التفصيل وهو (أما) ، كأنه قيل : وأما الذين كفروا ، لأنه لما تقدم ثواب الذين آمنوا كان المقام مثيرا لسؤال من يترقب مقابلة ثواب المؤمنين بعقاب الكافرين وتلك المقابلة من مواقع حرف التفصيل.
والرزق : العطاء ، وهو كل ما يتفضّل به من أعيان ومنافع ، ووصفه بالحسن لإفادة أنه يرضيهم بحيث لا يتطلبون غيره لأنه لا أحسن منه.
وجملة (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) بدل من جملة (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) ، وهي بدل اشتمال ، لأن كرامة المنزل من جملة الإحسان في العطاء بل هي أبهج لدى أهل الهمم ، ولذلك وصف المدخل ب (يَرْضَوْنَهُ).
ووقعت جملة (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) معترضة بين البدل والمبدل منه ، وصريحها الثناء على الله. وكنايتها التعريض بأن الرزق الذي يرزقهم الله هو خير الأرزاق لصدوره من خير الرازقين.
وأكدت الجملة بحرف التوكيد ولامه وضمير الفصل تصويرا لعظمة رزق الله تعالى. وجملة : (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) تذييل ، أي عليم بما تجشموه من المشاق في شأن هجرتهم من ديارهم وأهلهم وأموالهم ، وهو حليم بهم فيما لاقوه فهو يجازيهم بما لقوه من أجله. وهذه الآية تبيّن مزية المهاجرين في الإسلام.
وقرأ نافع (مُدْخَلاً) ـ بفتح الميم ـ على أنه اسم مكان من دخل المجرد لأن الإدخال يقتضي الدخول. وقرأ الباقون ـ بضم الميم ـ جريا على فعل (لَيُدْخِلَنَّهُمْ) المزيد وهو أيضا اسم مكان للإدخال.
(ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠))
اسم الإشارة للفصل بين الكلامين لفتا لأذهان السامعين إلى ما سيجيء من الكلام لأنّ ما بعده غير صالح لأن يكون خبرا عن اسم الإشارة. وقد تقدم نظيره عند قوله :