إلى الكمال النفساني الذي هو غاية الأديان. وفي هذا الخبر تثبيت للنبي صلىاللهعليهوسلم وتجديد لنشاطه في الاضطلاع بأعباء الدعوة.
[٦٨ ، ٦٩] (وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩))
عطف على جملة (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) [الحج : ٦٧]. والمعنى : إن تبيّن عدم اقتناعهم بالأدلة التي تقطع المنازعة وأبوا إلا دوام المجادلة تشغيبا واستهزاء فقل : الله أعلم بما تعملون.
وفي قوله : (اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) تفويض أمرهم إلى الله تعالى ، وهو كناية عن قطع المجادلة معهم ، وإدماج بتعريض بالوعيد والإنذار بكلام موجّه صالح لما يتظاهرون به من تطلب الحجّة : ولما في نفوسهم من إبطال العناد كقوله تعالى : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) [السجدة : ٣٠].
والمراد (بِما تَعْمَلُونَ) ما يعملونه من أنواع المعارضة والمجادلة بالباطل ليدحضوا به الحق وغير ذلك.
وجملة (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) كلام مستأنف ليس من المقول ، فهو خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم. وليس خطابا للمشركين بقرينة قوله (بَيْنَكُمْ). والمقصود تأييد الرسول والمؤمنين.
وما كانوا فيه يختلفون : هو ما عبر عنه بالأمر في قوله (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) [الحج : ٦٧].
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠))
استئناف لزيادة تحقيق التأييد الذي تضمنه قوله (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [الحج : ٦٩] ، أي فهو لا يفوته شيء من أعمالكم فيجازي كلا على حساب عمله ، فالكلام كناية عن جزاء كل بما يليق به.
و (ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) يشمل ما يعمله المشركون وما كانوا يخالفون فيه.