والاستفهام إنكاري أو تقريري ، أي أنك تعلم ذلك ، وهذا الكلام كناية عن التسلية أي فلا تضق صدرا مما تلاقيه منهم.
وجملة (إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) بيان للجملة قبلها ، أي يعلم ما في السماء والأرض علما مفصلا لا يختلف ، لأنّ شأن الكتاب أن لا تتطرق إليه الزيادة والنقصان.
واسم الإشارة إلى العمل في قوله (اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) أو إلى (ما) في قوله : (فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [الحج : ٦٩].
والكتاب هو ما به حفظ جميع الأعمال : إما على تشبيه تمام الحفظ بالكتابة ، وإما على الحقيقة ، وهو جائز أن يجعل الله لذلك كتابا لائقا بالمغيبات.
وجملة (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) بيان لمضمون الاستفهام من الكتابة عن الجزاء.
واسم الإشارة عائد إلى مضمون الاستفهام من الكناية فتأويله بالمذكور. ولك أن تجعلها بيانا لجملة (يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) واسم الإشارة عائد إلى العلم المأخوذ من فعل (يَعْلَمُ) ، أي أن علم الله بما في السماء والأرض لله حاصل دون اكتساب ، لأن علمه ذاتي لا يحتاج إلى مطالعة وبحث.
وتقديم المجرور على متعلّقه وهو (يَسِيرٌ) للاهتمام بذكره للدلالة على إمكانه في جانب علم الله تعالى.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٧١))
يجوز أن يكون الواو حرف عطف وتكون الجملة معطوفة على الجملة السابقة بما تفرّع عليها عطف غرض على غرض.
ويجوز أن يكون الواو للحال والجملة بعدها حالا من الضمير المرفوع في قوله (جادَلُوكَ) [الحج : ٦٨] ، والمعنى : جادلوك في الدين مستمرين على عبادة ما لا يستحق العبادة بعد ما رأوا من الدلائل ، وتتضمن الحال تعجيبا من شأنهم في مكابرتهم وإصرارهم.
والإتيان بالفعل المضارع المفيد للتجدّد على الوجهين لأن في الدلائل التي تحفّ بهم والتي ذكّروا ببعضها في الآيات الماضية ما هو كاف لإقلاعهم عن عبادة الأصنام لو كانوا يريدون الحق.