اسم الجلالة أصله الإله ، أي الإله المعروف الذي لا إله غيره ، فاشتقاقه مشير إلى أن مسماه جامع كل الصفات العلى تقريرا للقوّة الكاملة والعزّة القاهرة.
وجملة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) تعليل لمضمون جملة (اللهُ يَصْطَفِي) لأن المحيط علمه بالأشياء هو الذي يختص بالاصطفاء. وليس لأهل العقول ما بلغت بهم عقولهم من الفطنة والاختيار أن يطلعوا على خفايا الأمور فيصطفوا للمقامات العليا من قد تخفى عنهم نقائصهم بله اصطفاء الحجارة الصمّاء.
والسميع البصير : كناية عن عموم العلم بالأشياء بحسب المتعارف في المعلومات أنها لا تعدو المسموعات والمبصرات.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦))
جملة مقرّرة لمضمون جملة (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [الحج : ٧٥] وفائدتها زيادة على التقرير أنها تعريض بوجوب مراقبتهم ربّهم في السر والعلانية لأنه لا تخفى عليه خافية.
و (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) مستعار لما يظهرونه ، (وَما خَلْفَهُمْ) هو ما يخفونه لأن الشيء الذي يظهره صاحبه يجعله بين يديه والشيء الذي يخفيه يجعله وراءه.
ويجوز أن يكون (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) مستعارا لما سيكون من أحوالهم لأنها تشبه الشيء الذي هو تجاه الشخص وهو يمشي إليه ، (وَما خَلْفَهُمْ) مستعارا لما مضى وعبر من أحوالهم لأنها تشبه ما تركه السائر وراءه وتجاوزه.
وضمير (أَيْدِيهِمْ) و (خَلْفَهُمْ) عائدان : إما إلى المشركين الذين عاد إليهم ضمير (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) [الحج : ٦٧] ، وإما إلى الملائكة والناس. وإرجاع الأمور إرجاع القضاء في جزائها من ثواب وعقاب إليه يوم القيامة.
وبني فعل (تُرْجَعُ) إلى النائب لظهور من هو فاعل الإرجاع فإنه لا يليق إلّا بالله تعالى ، فهو يمهل الناس في الدنيا وهو يرجع الأمور إليه يوم القيامة.
وتقديم المجرور لإفادة الحصر الحقيقي ، أي إلى الله لا إلى غيره يرجع الجزاء لأنه ملك يوم الدين. والتعريف في (الْأُمُورُ) للاستغراق ، أي كل أمر. وذلك جمع بين البشارة والنذارة تبعا لما قبله من قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ).