أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] بزيادة وهو أبوهم.
ويجوز أن يكون الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم على طريقة التعظيم كأنه قال : ملّة أبيك إبراهيم.
والضمير في (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) عائد إلى الجلالة كضمير (هُوَ اجْتَباكُمْ) فتكون الجملة استئنافا ثانيا ، أي هو اجتباكم وخصّكم بهذا الاسم الجليل فلم يعطه غيركم ولا يعود إلى إبراهيم.
و (قَبْلُ) إذا بني على الضم كان على تقدير مضاف إليه منوي بمعناه دون لفظه. والاسم الذي أضيف إليه (قَبْلُ) محذوف ، وبني (قَبْلُ) على الضم إشعارا بالمضاف إليه. والتقدير : من قبل القرآن. والقرينة قوله (وَفِي هذا) ، أي وفي هذا القرآن.
والإشارة في قوله (وَفِي هذا) إلى القرآن كما في قوله تعالى : (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأحقاف : ٤] ، أي وسماكم المسلمين في القرآن. وذلك في نحو قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران : ٦٤] وقوله : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) [الزمر : ١٢].
واللّام في قوله (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) يتعلّق بقوله (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) [الحج : ٧٧] أو بقوله (اجْتَباكُمْ) أي ليكون الرسول ، أي محمد عليه الصلاة والسلام شهيدا على الأمة الإسلامية بأنها آمنت به ، وتكون الأمة الإسلامية شاهدة على النّاس ، أي على الأمم بأن رسلهم بلغوهم الدعوة فكفر بهم الكافرون. ومن جملة الناس القوم الذين كفروا بمحمد صلىاللهعليهوسلم.
وقدمت شهادة الرسول للأمة هنا ، وقدمت شهادة الأمة في آية [البقرة : ١٤٣] (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) ؛ لأن آية هذه السورة في مقام التنويه بالدّين الذي جاء به الرسول. فالرسول هنا أسبق إلى الحضور فكان ذكر شهادته أهم ، وآية البقرة صدّرت بالثناء على الأمّة فكان ذكر شهادة الأمة أهمّ.
(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)
تفريع على جملة (هُوَ اجْتَباكُمْ) وما بعدها ، أي فاشكروا الله بالدوام على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله.