والفجاج : جمع فجّ. والفج : الطريق الواسع.
والسبل : جمع سبيل ، وهو : الطريق مطلقا.
وجملة (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) مستأنفة إنشاء رجاء اهتداء المشركين إلى وحدانية الله فإن هذه الدلائل مشاهدة لهم واضحة الدلالة. ويجوز أن يراد بالاهتداء الاهتداء في السير ، أي جعلنا سبلا واضحة غير محجوبة بالضيق إرادة اهتدائهم في سيرهم ، فتكون هذه منة أخرى وهو تدبير الله الأشياء على نحو ما يلائم الإنسان ويصلح أحواله.
فقوله تعالى (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) من الكلام الموجه.
(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢))
لما ذكر الاعتبار بخلق الأرض وما فيها ناسب بحكم الطباق ذكر خلق السماء عقبه ، إلا أن حالة خلق الأرض فيها منافع للناس. فعقب ذكرها بالامتنان بقوله تعالى : (أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) [الأنبياء : ٣١] وبقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء : ٣١].
وأمّا حال خلق السماء فلا تظهر فيه منفعة فلم يذكر بعده امتنان ، ولكنه ذكر إعراضهم عن التدبر في آيات خلق السماء الدالة على الحكمة البالغة فعقب بقوله تعالى : (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ). فأدمج في خلال ذلك منة وهي حفظ السماء من أن تقع بعض الأجرام الكائنة فيها أو بعض أجزائها على الأرض فتهلك الناس أو تفسد الأرض فتعطل منافعها ، فذلك إدماج للمنة في خلال الغرض المقصود الذي لا مندوحة عن العبرة به.
والسقف ، حقيقته : غطاء فضاء البيت الموضوع على جدرانه ، ولا يقال السقف على غطاء الخباء والخيمة. وأطلق السقف على السماء على طريقة التشبيه البليغ ، أي جعلناها كالسقف لأن السماء ليست موضوعة على عمد من الأرض ، قال تعالى : (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) وقد تقدم في أول سورة الرعد [٢].
وجملة (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) في موضع الحال. وآيات السماء ما تشتمل عليه السماء من الشمس والقمر والكواكب والشهب وسيرها وشروقها وغروبها وظهورها وغيبتها ، وابتناء ذلك على حساب قويم وترتيب عجيب ، وكلها دلائل على الحكمة البالغة فلذلك سماها آيات. وكذلك ما يبدو لنا من جهة السماء مثل السحاب والبرق والرعد.