رأيت المنايا لم يدعن محمدا |
|
ولا باقيا إلّا له الموت مرصدا |
وأعقب الله ذلك بتعليمهم أن الحياة مشتملة على خير وشرّ وأن الدنيا دار ابتلاء.
والبلوى : الاختبار. وتقدم غير مرة. وإطلاق البلوى على ما يبدو من الناس من تجلد ووهن وشكر وكفر ، على ما ينالهم من اللذات والآلام مما بنى الله تعالى عليه نظام الحياة ، إطلاق مجازي ، لأن ابتناء النظام عليه دل على اختلاف أحوال الناس في تصرفهم فيه وتلقيهم إياه. أشبه اختبار المختبر ليعلم أحوال من يختبرهم.
و (فِتْنَةً) منصوب على المفعولية المطلقة توكيدا لفعل (نَبْلُوكُمْ) لأن الفتنة ترادف البلوى.
وجملة (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) إثبات للبعث ، فجمعت الآية الموت والحياة والنشر.
وتقديم المجرور للرعاية على الفاصلة وإفادة تقوي الخبر. وأمّا احتمال القصر فلا يقوم هنا إذ ليس ذلك باعتقاد للمخاطبين كيفما افترضتهم.
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦))
هذا وصف آخر لما يؤذي به المشركون رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين يرونه فهو أخص من أذاهم إياه في مغيبه ، فإذا رأوه يقول بعضهم لبعض : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ).
والهزؤ ـ بضم الهاء وضم الزاي ـ مصدر هزأ به ، إذا جعله للعبث والتفكه. ومعنى اتّخاذه هزؤا أنهم يجعلونه مستهزأ به فهذا من الإخبار بالمصدر للمبالغة ، أو هو مصدر بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق. وتقدم في سورة [الكهف : ١٠٦] قوله تعالى : (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً).
وجملة (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) مبيّنة لجملة (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) فهي في معنى قول محذوف دل عليه (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) لأن الاستهزاء يكون بالكلام. وقد انحصر اتخاذهم إياه عند رؤيته في الاستهزاء به دون أن يخلطوه بحديث آخر في شأنه.
والاستفهام مستعمل في التعجيب ، واسم الإشارة مستعمل في التحقير ، بقرينة الاستهزاء.
ومعنى (يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) يذكرهم بسوء ، بقرينة المقام ، لأنهم يعلمون ما يذكر به