فقلت لها يا عز كل مصيبة |
|
إذا وطنت يوما لها النفس ذلت |
وإن كان المراد عذاب الآخرة فنفي الناصر تكذيب لهم في قولهم (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) [يونس : ١٨].
وفاعل (تَأْتِيهِمْ) ضمير عائد إلى الوعد. وإنما قرن الفعل بعلامة المؤنث على الوجه الأول المتقدم في قوله تعالى : (حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) باعتبار الوقعة أو نحو ذلك ، وهو إيماء إلى أن ذلك سيكون فيما اسمه لفظ مؤنث مثل الوقعة والغزوة. وأمّا على الوجه الثاني المتقدم الذي درج عليه سائر المفسرين فيما رأينا فلتأويل الوعد بالساعة أو القيامة أو الحين لأن الحين في معنى الساعة.
والبغتة : المفاجأة ، وهي حدوث شيء غير مترقب.
والبهت : الغلب المفاجئ المعجز عن المدافعة ، يقال : بهته فبهت. قال تعالى في سورة [البقرة : ٢٥٨] (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي غلب. وهو معنى التفريع في قوله تعالى : (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها) وقوله تعالى : (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أي لا تؤخر عنهم. وفيه تنبيه لهم إلى أنهم أنظروا زمنا طويلا لعلهم يقلعون عن ضلالهم.
وما أشدّ انطباق هذه الهيئة على ما حصل لهم يوم بدر قال تعالى : (وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) في [الأنفال : ٤٢] ، وقال تعالى: (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) [الأنفال : ٤٤]. ولا شك في أن المستهزئين مثل أبي جهل وشيبة ابني ربيعة وعتبة ابن ربيعة وأمية بن خلف ، كانوا ممن بغتهم عذاب السيف وكان أنصارهم من قريش ممن بهتهم ذلك.
وأما إذا أريد بضمير (تَأْتِيهِمْ) الساعة والقيامة فهي تأتي بغتة لمن هم من جنس المشركين أو تأتيهم النفخة والنشرة بغتة. وأما أولئك المستهزءون فكانوا قد انقرضوا منذ قرون.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١))
عطف على جملة (سَأُرِيكُمْ آياتِي) [الأنبياء : ٣٧] تطمين للنبيصلىاللهعليهوسلم وتسلية له. ومناسبة عطفها على جملة (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) [الأنبياء : ٣٩]