وإما مضارع أصحبه المهموز بمعنى حفظه ومنعه ، أي من السوء.
والإشارة ب (هؤُلاءِ) لحاضرين في الأذهان وهم كفار قريش.
وقد استقريت أن القرآن إذا ذكرت فيه هذه الإشارة دون وجود مشار إليه في الكلام فهو يعني بها كفار قريش.
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ)
تقريع على إحالتهم نصر المسلمين وعدّهم تأخير الوعد به دليلا على تكذيب وقوعه حتى قالوا : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [الأنبياء : ٣٨] تهكما وتكذيبا. فلما أنذرهم بما سيحل بهم في قوله تعالى : (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) إلى قوله تعالى : (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) [الأنبياء : ٣٩ ـ ٤١] فرّع على ذلك كله استفهاما تعجيبيا من عدم اهتدائهم إلى أمارات اقتران الوعد بالموعود استدلالا على قربه بحصول أماراته.
والرؤية علمية ، وسدت الجملة مسدّ المفعولين لأنها في تأويل مصدر ، أي أعجبوا من عدم اهتدائهم إلى نقصان أرضهم من أطرافها ، وأن ذلك من صنع الله تعالى بتوجه عناية خاصة ، لكونه غير جار على مقتضى الغالب المعتاد ، فمن تأمّل علم أنه من عجيب صنع الله تعالى ، وكفى بذلك دليلا على تصديق الرسول صلىاللهعليهوسلم وعلى صدق ما وعدهم به وعناية ربه به كما دلّ عليه فعل (نَأْتِي).
فالإتيان تمثيل بحال الغازي الذي يسعى إلى أرض قوم فيقتل ويأسر كما تقدم في قوله تعالى : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ) [النحل : ٢٦].
والتعريف في (الْأَرْضَ) تعريف العهد ، أي أرض العرب كما في قوله تعالى في [سورة يوسف : ٨٠] (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ) أي أرض مصر.
والنقصان : تقليل كمية شيء.
والأطراف : جمع طرف ـ بفتح الطاء والراء ـ. وهو ما ينتهي به الجسم من جهة من جهاته ، وضده الوسط.
والمراد بنقصان الأرض : نقصان من عليها من الناس لا نقصان مساحتها لأن هذه السورة مكية فلم يكن ساعتئذ شيء من أرض المشركين في حوزة المسلمين ، والقرينة