وفي مادة النفح أنه عطاء قليل نزر ، وبضميمة بناء المرة فيها ، والتنكير ، وإسناد المسّ
إليها دون فعل آخر أربع مبالغات في التقليل ، فما ظنك بعذاب يدفع قليله من حلّ به إلى الإقرار باستحقاقه إياه وإنشاء تعجبه من سوء حال نفسه.
والويل تقدم عند قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) في [سورة البقرة : ٧٩] ، وعند قوله تعالى : (وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ) في أول [سورة إبراهيم : ٢].
ومعنى (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) إنا كنا معتدين على أنفسنا إذ أعرضنا عن التأمل في صدق دعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم. فالظلم في هذه الآية مراد به الإشراك لأن إشراكهم معروف لديهم فليس مما يعرفونه إذا مستهم نفحة من العذاب.
(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (٤٧))
يجوز أن تكون الواو عاطفة هذه الجملة على جملة (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ) [الأنبياء : ٤٦] إلخ لمناسبة قولهم (إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) [الأنبياء : ٤٦] ، ولبيان أنهم مجازون على جميع ما أسلفوه من الكفر وتكذيب الرسول بيانا بطريق ذكر العموم بعد الخصوص في المجازين ، فشابه التذييل من أجل عموم قوله تعالى (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) ، وفي المجازى عليه من أجل قوله تعالى (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها).
ويجوز أن تكون الواو للحال من قوله (رَبِّكَ) [الأنبياء : ٤٦] ، وتكون نون المتكلم المعظّم التفاتا لمناسبة الجزاء للأعمال كما يقال : أدّى إليه الكيل صاعا بصاع ، ولذلك فرع عليه قوله تعالى : (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً).
ويجوز أن تكون الجملة معترضة وتكون الواو اعتراضية.
والوضع حقيقته : حط الشيء ونصبه في مكان ، وهو ضد الرفع. ويطلق على صنع الشيء وتعيينه للعمل به وهو في ذلك مجاز.
والميزان : اسم آلة الوزن. وله كيفيات كثيرة تختلف باختلاف العوائد ، وهي تتّحد في كونها ذات طبقين متعادلين في الثقل يسميان كفتين ـ بكسر الكاف وتشديد الفاء ـ تكونان من خشب أو من حديد ، وإذا كانتا من صفر سميتا صنجتين ـ بصاد مفتوحة ونون ساكنة ـ ، معلق كل طبق بخيوط في طرف يجمعهما عود من حديد أو خشب صلب ، في