[٧١ ـ ٧٣] (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣))
هذه نجاة ثانية بعد نجاته من ضر النار ، هي نجاته من الحلول بين قوم عدوّ له كافرين بربّه وربهم ، وهي نجاة من دار الشرك وفساد الاعتقاد. وتلك بأن سهل الله له المهاجرة من بلاد (الكلدان) إلى أرض (فلسطين) وهي بلاد (كنعان).
وهجرة إبراهيم هي أول هجرة في الأرض لأجل الدين. واستصحب إبراهيم معه لوطا ابن أخيه (هاران) لأنه آمن بما جاء به إبراهيم. وكانت سارة امرأة إبراهيم معهما ، وقد فهمت معيتها من أن المرء لا يهاجر إلا ومعه امرأته.
وانتصب (لُوطاً) على المفعول معه لا على المفعول به لأن لوطا لم يكن مهددا من الأعداء لذاته فيتعلّق به فعل الإنجاء.
وضمن (نَجَّيْناهُ) معنى الإخراج فعدّي بحرف (إلى).
والأرض : هي أرض فلسطين. ووصفها الله بأنه باركها للعالمين ، أي للناس ، يعني الساكنين بها لأن الله خلقها أرض خصب ورخاء عيش وأرض أمن. وورد في التوراة : أن الله قال لإبراهيم : إنها تفيض لبنا وعسلا.
والبركة : وفرة الخير والنفع. وتقدم في قوله تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً) في [سورة آل عمران : ٩٦].
وهبة إسحاق له ازدياده له على الكبر وبعد أن يئست زوجه سارة من الولادة.
وهبة يعقوب ازدياده لإسحاق بن إبراهيم في حياة إبراهيم ورؤيته إياه كهلا صالحا.
والنافلة : الزيادة غير الموعودة ، فإن إبراهيم سأل ربه فقال (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) أراد الولد فولد له إسماعيل كما في [سورة الصافات : ١٠٠] ، ثم ولد له إسحاق عن غير مسألة كما في سورة هود فكان نافلة ، وولد لإسحاق يعقوب فكان أيضا نافلة.
وانتصب (نافِلَةً) على الحال التي عاملها (وَهَبْنا) فتكون حالا من إسحاق ويعقوب شأن الحال الواردة بعد المفردات أن تعود إلى جميعها.