ولأجل البعد أعيد فعل الإيتاء ليظهر عطفه على (آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ) [الأنبياء : ٥١] ، ولم يعد في قصة نوح عقب هذه.
وأعقبت قصة إبراهيم بقصة لوط للمناسبة. وخص لوط بالذكر من بين الرسل لأن أحواله تابعة لأحوال إبراهيم في مقاومة أهل الشرك والفساد. وإنما لم يذكر ما هم عليه قوم لوط من الشرك استغناء بذكر الفواحش الفظيعة التي كانت لهم سنة فإنها أثر من الشرك.
والحكم : الحكمة ، وهو النبوءة ، قال تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم : ١٢].
والعلم : علم الشريعة ، والتنوين فيها للتعظيم.
والقرية (سدوم). وقد تقدم ذكر ذلك في سورة هود والمراد من القرية أهلها كما مر في قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) في [سورة يوسف : ٨٢].
والخبائث : جمع خبيثة بتأويل الفعلة ، أي الشنيعة. والسّوء ـ بفتح السين وسكون الواو ـ مصدر ، أي القبيح المكروه. وأما بضم السين فهو اسم مصدر لما ذكر وهو أعم من المفتوح لأن الوصف بالاسم أضعف من الوصف بالمصدر.
[٧٦ ، ٧٧] (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧))
لما ذكر أشهر الرسل بمناسبات أعقب بذكر أول الرسل.
وعطف (وَنُوحاً) على (لُوطاً) [الأنبياء : ٧٤] ، أي آتينا نوحا حكما وعلما ، فحذف المفعول الثاني لآتينا [الأنبياء : ٧٤] لدلالة ما قبله عليه ، أي آتيناه النبوءة حين نادى ، أي نادانا.
ومعنى (نادى) دعا ربه أن ينصره على المكذبين من قومه بدليل قوله (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ).
وبناء (قَبْلُ) على الضمّ يدل على مضاف إليه مقدر ، أي من قبل هؤلاء ، أي قبل الأنبياء المذكورين. وفائدة ذكر هذه القبلية التنبيه على أن نصر الله أولياءه سنته المرادة له