لغوا ، وعن ابن مالك أنه مثّل لانتهاء الغاية بقولهم : «تقربت منك».
وجملة (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) حال من الناس ، أي اقترب منهم الحساب في حال غفلتهم وإعراضهم. والمراد بالناس المشركون لأنهم المقصود بهذا الكلام كما يدل عليه ما بعده.
والغفلة : الذهول عن الشيء وعن طرق علمه ، وقد تقدمت عند قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ) في سورة [الأنعام : ١٥٦] ، وقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ) في [سورة الأعراف : ١٤٦].
والإعراض : صرف العقل عن الاشتغال بالشيء. وتقدم في قوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ) في سورة [النساء : ٦٣] ، وقوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) في سورة [الأنعام : ٦٨].
ودلت (في) على الظرفية المجازية التي هي شدة تمكن الوصف منهم ، أي وهم غافلون أشد الغفلة حتى كأنهم منغمسون فيها أو مظروفون في محيطها ، ذلك أن غفلتهم عن يوم الحساب متأصلة فيهم بسبب سابق كفرهم. والمعنى : أنهم غافلون عن الحساب وعن اقترابه.
وإعراضهم هو إبايتهم التأمل في آيات القرآن التي تذكرهم بالبعث وتستدل لهم عليه ، فمتعلق الإعراض غير متعلق الغفلة لأن المعرض عن الشيء لا يعد غافلا عنه ، أي أنهم لما جاءتهم دعوة الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى الإيمان وإنذارهم بيوم القيامة استمروا على غفلتهم عن الحساب بسبب إعراضهم عن دلائل التذكير به. فكانت الغفلة عن الحساب منهم غير مقلوعة من نفوسهم بسبب تعطيلهم ما شأنه أن يقلع الغفلة عنهم بإعراضهم عن الدلائل المثبتة للبعث.
[٢ ، ٣] (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣))
(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ).
جملة مبينة لجملة (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) [الأنبياء : ١] لبيان تمكن الغفلة منهم وإعراضهم ، بأنهم إذا سمعوا في القرآن تذكيرا لهم بالنظر والاستدلال اشتغلوا عنه باللعب