وبين تحقيق رغبة سليمان.
وقوله (لَهُمْ) يتعلق ب (حافِظِينَ) واللام لام التقوية. والتقدير : حافظينهم ، أي مانعينهم عن الناس.
[٨٣ ، ٨٤] (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ (٨٤))
عطف على (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ) [الأنبياء : ٧٨] أي وآتينا أيوب حكما وعلما إذ نادى ربه. وتخصيصه بالذكر مع من ذكر من الأشياء لما اختصّ به من الصبر حتى كان مثلا فيه. وتقدمت ترجمة أيوب في سورة الأنعام.
وأما القصة التي أشارت إليها هذه الآية فهي المفصلة في السفر الخاص بأيوب من أسفار النبيئين الإسرائيلية. وحاصلها أنه كان نبيئا وذا ثروة واسعة وعائلة صالحة متواصلة ، ثم ابتلي بإصابات لحقت أمواله متتابعة فأتت عليها ، وفقد أبناءه السبعة وبناته الثلاث في يوم واحد ، فتلقى ذلك بالصبر والتسليم. ثم ابتلي بإصابة قروح في جسده وتلقى ذلك كله بصبر وحكمة وهو يبتهل إلى الله بالتمجيد والدعاء بكشف الضر. وتلقى رثاء أصحابه لحاله بكلام عزيز الحكمة والمعرفة بالله ، وأوحى الله إليه بمواعظ. ثم أعاد عليه صحته وأخلفه مالا أكثر من ماله وولدت له زوجه أولادا وبنات بعدد من هلكوا له من قبل.
وقد ذكرت قصته بأبسط من هنا في سورة ص ، ولأهل القصص فيها مبالغات لا تليق بمقام النبوءة.
و (إذ) ظرف قيّد به إيتاء أيوب رباطة القلب وحكمة الصبر لأن ذلك الوقت كان أجلى مظاهر علمه وحكمته كما أشارت إليه القصة. وتقدم نظيره آنفا عند قوله تعالى : (وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ) [الأنبياء : ٧٦] فصار أيوب مضرب المثل في الصبر.
وقوله (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ـ بفتح الهمزة ـ على تقدير باء الجر ، أي نادى ربه بأني مسني الضر.
والمسّ : الإصابة الخفيفة. والتعبير به حكاية لما سلكه أيوب في دعائه من الأدب مع الله إذ جعل ما حلّ به من الضر كالمس الخفيف.