لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل»
وكما في قولهم : كلمة الشهادة وكلمة الإسلام. وتقدم قوله تعالى (وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) في سورة براءة [٧٤].
والوراء هنا مستعار للشيء الذي يصيب المرء لا محالة ويناله وهو لا يظنه يصيبه. شبه ذلك بالذي يريد اللحاق بالسائر فهو لاحقه ، وهذا كقوله تعالى (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) [البروج : ٢٠] وقوله و (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ) [الجاثية : ١٠] وقوله (مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) [إبراهيم : ١٧]. وتقدم قوله : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [الكهف : ٧٩].
وقال لبيد :
أليس ورائي أن تراخت منيتي |
|
لزوم العصا تحنى عليها الأصابع |
والبرزخ : الحاجز بين مكانين. قيل : المراد به في هذه الآية القبر ، وقيل : هو بقاء مدة الدنيا ، وقيل : هو عالم بين الدنيا والآخرة تستقر فيه الأرواح فتكاشف على مقرها المستقبل ، وإلى هذا مال الصوفية. وقال السيد في «التعريفات» : البرزخ العالم المشهود بين عالم المعاني المجردة وعالم الأجسام المادية ، أعني الدنيا والآخرة ويعبر به عن عالم المثال ا ه ، أي عند الفلاسفة القدماء.
ومعنى (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أنهم غير راجعين إلى الحياة إلى يوم البعث. فهي إقناط لهم لأنهم يعلمون أن يوم البعث الذي وعدوه لا رجوع بعده إلى الدنيا فالذي قال لهم (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) هو الذي أعلمهم بما هو البعث.
[١٠١ ـ ١٠٤] (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ (١٠٤))
تفريع على قوله (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [المؤمنون : ١٠٠] فإن زمن النفخ في الصور هو يوم البعث فالتقدير : فإذا جاء يوم يبعثون ، ولكن عدل عن ذلك إلى (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) تصوير لحالة يوم البعث.