والتعريف في (الْمَلِكُ) للجنس.
والحق : ما قابل الباطل ، ومفهوم الصفة يقتضي أن ملك غيره باطل ، أي فيه شائبة الباطل لا من جهة الجور والظلم لأنه قد يوجد ملك لا جور فيه ولا ظلم كملك الأنبياء والخلفاء الراشدين وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الخلفاء والأمراء ، بل من جهة أنه ملك غير مستكمل حقيقة المالكية فإن كل من ينسب إليه الملك عدا الله تعالى هو مالك من جهة ومملوك من جهة لما فيه من نقص واحتياج ؛ فهو مملوك لما يتطلبه من تسديد نقصه بقدر الحاجة ومن استعانة بالغير لجبر احتياجه فذلك ملك باطل لأنه ادعاء ملك غير تام.
وجملة : (فَتَعالَى) يجوز أن تكون خبرا قصد منه التذكير والاستنتاج مما تقدم من الدلائل المبينة لمعنى تعاليه وأن تكون إنشاء ثناء عليه بالعلو.
والتعالي : مبالغة في العلو. وأتبع ذلك بما هو دليل عليه وهو انفراده بالإلهية وذلك وصف ذاتي ، وبأنه مالك أعظم المخلوقات أعني العرش وذلك دليل عظمة القدرة.
و (الْكَرِيمِ) بالجر صفة العرش. وكرم الجنس أن يكون مستوفيا فضائل جنسه كما في قوله تعالى : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) في سورة النمل [٢٩].
(وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (١١٧))
لما كان أعظم ما دعا الله إليه توحيده وكان أصل ضلال المشركين إشراكهم أعقب وصف الله بالعلو العظيم والقدرة الواسعة ببيان أن الحساب الواقع بعد البعث ينال الذين دعوا مع الله آلهة دعوى لا عذر لهم فيها لأنها عرية عن البرهان أي الدليل ، لأنهم لم يثبتوا لله الملك الكامل إذ أشركوا معه آلهة ولم يثبتوا ما يقتضي له عظيم التصرف إذ أشركوا معه تصرف آلهة. فقوله : (لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) حال من (مَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) ، وهي حال لازمة لأن دعوى الإله مع الله لا تكون إلا عرية عن البرهان ونظير هذا الحال قوله تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) [القصص : ٥٠].
والقصر في قوله : (فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) قصر حقيقي. وفيه إثبات الحساب وأنه لله وحده مبالغة في تخطئتهم وتهديدهم.
ويجوز أن يكون القصر إضافيا تطمينا للنبي صلىاللهعليهوسلم بأن الله لا يؤاخذه باستمرارهم على