وعند قوله : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) في سورة الأنعام [١٢٠].
وتولي الأمر : مباشرة عمله والتهمم به.
والكبر بكسر الكاف في قراءة الجمهور ، ويجوز ضم الكاف. وقرأ به يعقوب وحده ، ومعناه : أشد الشيء ومعظمه ، فهما لغتان عند جمهور أئمة اللغة. وقال ابن جني والزجاج : المكسور بمعنى الإثم ، والمضموم : معظم الشيء. (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) هو عبد الله بن أبي بن سلول وهو منافق وليس من المسلمين.
وضمير (مِنْهُمْ) عائد إلى (الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ). وقيل : الذي تولى كبره حسان ابن ثابت لما وقع في «صحيح البخاري» : «عن مسروق قال : دخل حسان على عائشة فأنشد عندها أبياتا منها :
حصان رزان ما تزنّ بريبة |
|
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل |
فقالت له عائشة : لكن أنت لست كذلك. قال مسروق فقلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ) فقالت : أي عذاب أشد من العمى».
والوعيد بأن له عذابا عظيما يقتضي أنه عبد الله بن أبي بن سلول. وفيه إنباء بأنه يموت على الكفر فيعذب العذاب العظيم في الآخرة وهو عذاب الدرك الأسفل من النار ، وأما بقية العصبة فلهم من الإثم بمقدار ذنبهم. وفيه إيماء بأن الله يتوب عليهم إن تابوا كما هو الشأن في هذا الدين.
(لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢))
استئناف لتوبيخ عصبة الإفك من المؤمنين وتعنيفهم بعد أن سماه إفكا.
و (لَوْ لا) هنا حرف بمعنى (هلا) للتوبيخ كما هو شأنها إذا وليها الفعل الماضي وهو هنا (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ). وأما (إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) فهو ظرف متعلق بفعل الظن فقدم عليه ومحل التوبيخ جملة : (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً) فأسند السماع إلى جميع المخاطبين وخص بالتوبيخ من سمعوا ولم يكذبوا الخبر.
وجرى الكلام على الإبهام في التوبيخ بطريقة التعبير بصيغة الجمع وإن كان المقصود